وأما ذريته وقبيله الذين يذكرهم القرآن بقوله: " انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم انا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " الأعراف: 27 وقوله " أفتتخذونه وذريته أولياء " الكهف: 50 فولاية الواحد منهم اما لبعض الناس دون بعض أو في بعض الأعمال دون بعض واما ولاية على نحو العونية فهو العون والأصل الذي ينتهى إليه أمر الاضلال والاغواء هو إبليس.
فهذا القائل ان الله وعدكم وعد الحق الخ هو إبليس يريد بكلامه رد اللوم على فعل المعاصي إليهم والتبري من شركهم فقوله ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم أي وعدكم الله وعدا حققه الوقوع وصدقته المشاهدة من البعث والجمع والحساب وفصل القضاء والجنة والنار ووعدتكم انا أن لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار ولم أف بما وعدت حيث ظهر خلاف ما وعدت كذا ذكره المفسرون.
وعلى هذا فالموعود جميع ما يرجع إلى المعاد اثباتا ونفيا أثبته الله سبحانه ونفاه إبليس واخلاف الوعد كناية عن ظهور الكذب وعدم الوقوع من اطلاق الملزوم وإرادة اللازم.
ومن الممكن بل هو الوجه أن يشمل الوعد ما يترتب على الايمان والشرك في الدنيا والآخرة جميعا لأنهما متطابقتان فقد وعد الله أهل الايمان حياة طيبة وعيشة سعيدة وأهل الشرك المعرضين عن ذكره معيشة ضنكا وتحرجا في صدورهم وعذابا في قلوبهم في الدنيا ووعد الجميع بعثا وحسابا وجنة ونارا في الآخرة.
ووعد إبليس أولياءه بالأهواء اللذيذة والآمال الطويلة وأنساهم الموت وصرفهم عن البعث والحساب وخوفهم الفقر والذلة وملامة الناس وكان مفتاحه في جميع ذلك إغفالهم عن مقام ربهم وتزيين ما بين أيديهم من الأسباب مستقلة بالتأثير خالقة لآثارها وتصوير نفوسهم لهم في صورة الاستقلال مهيمنة على سائر الأسباب تدبرها كيف شاءت فتغريهم على الاعتماد بأنفسهم دون الله وتسخير الأسباب في سبيل الآمال والأماني.
وبالجملة وعدهم الله فيما يرجع إلى الدنيا والآخرة بما وفى لهم فيه ودعاهم إبليس من طريق الاغفال والتزيين إلى الأوهام والأماني وهى بين ما لا يناله الانسان قطعا وما إذا ناله وجده غير ما كان يظنه فيتركه إلى ما يظنه كما يريد هذا في الدنيا