تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٤٤
الرجيم أو ما يشابهه من اللفظ فهو سبب لايجاد معنى الاستعاذة في النفس وليس بنفسها الا بنوع من المجاز وقد قال سبحانه استعذ بالله ولم يقل قل أعوذ بالله.
وبذلك يظهر ان قول بعضهم ان المراد بالقراءة ارادتها فهى مجاز مرسل من قبيل اطلاق المسبب وإرادة السبب لا يخلو عن تساهل.
قوله تعالى: " انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " في مقام التعليل للامر الوارد في الآية السابقة أي استعذ بالله حين القراءة ليعيذك منه لأنه ليس له سلطان على من آمن بالله وتوكل عليه.
ويظهر من الآية اولا ان الاستعاذة بالله توكل عليه فإنه سبحانه بدل الاستعاذة في التعليل من التوكل ونفى سلطانه عن المتوكلين.
وثانيا ان الايمان والتوكل ملاك صدق العبودية كقوله تعالى لإبليس: " ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين " الحجر: 42 فنفى سلطانه عن عباده وقد بدل العباد في هذه الآية من الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون والاعتبار يساعد عليه فان التوكل وهو القاء زمام التصرف في أمور نفسه إلى غيره والتسليم لما يؤثره له منها أخص آثار العبودية.
قوله تعالى: " انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون " ضمائر الافراد الثلاثة للشيطان أي ينحصر سلطان الشيطان في الذين يتخذونه وليا لهم يدبر أمورهم كما يريد وهم يطيعونه وفي الذين يشركون به إذ يتخذونه وليا من دون الله وربا مطاعا غيره فان الطاعة عبادة كما يشير إليه قوله: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم ان لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين وان اعبدوني " يس: 61.
وبذلك يظهر اولا ان ذيل الآية يفسر صدرها وان تولى من لم يأذن الله في توليه شرك بالله وعبادة لغيره.
وثانيا ان لا واسطة بين التوكل على الله وتولى الشيطان وعبادته فمن لم يتوكل على الله فهو من أولياء الشيطان.
وربما قيل إن ضمير الافراد في قوله: " والذين هم به مشركون " راجع إليه
(٣٤٤)
مفاتيح البحث: التصديق (1)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»
الفهرست