يفترى الكذب ولا يكذب فالآيتان كنايتان عن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهدى بهداية الله مؤمن بآياته ومثله لا يفترى ولا يكذب. والمفسرون قطعوا الآيتين عن الآية الأولى وجعلوا الآية الأولى هي الجواب الكامل عن الشبهة وقد عرفت انها لا تفي بتمام الجواب.
ثم حملوا قوله وهذا لسان عربي مبين على التحدي باعجاز القرآن في بلاغته وأنت تعلم أن لا خبر في لفظ الآية عن أن القرآن معجز في بلاغته ولا اثر عن التحدي ونهاية ما فيه انه عربي مبين لا وجه لان يفصح عنه ويلفظه أعجمي.
ثم حملوا الآيتين التاليتين على تهديد أولئك الكفرة بآيات الله الرامين لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالافتراء ووعيدهم بالعذاب الأليم وقلب الافتراء والكذب إليهم بأنهم أولى بالافتراء والكذب بما انهم لا يؤمنون بآيات الله فان الله لم يهدهم.
ثم تكلموا بالبناء عليه في مفردات الآيتين بما يزيد في الابتعاد عن حق المعنى.
وقد عرفت ان ذلك يؤدى إلى عدم كفاية الجواب في حسم الاشكال من أصله.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاصي قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إذ شخص بصره فقال - اتانى جبريل فأمرني ان اضع هذه الآية بهذا الموضع من السورة: " ان الله يأمر بالعدل والاحسان إلى قوله تذكرون ".
أقول ورواه أيضا عن ابن عباس عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه.
وفي المجمع وجاءت الرواية ان عثمان بن مظعون قال كنت أسلمت استحياء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - لكثرة ما كان يعرض على الاسلام ولم يقر الاسلام في قلبى فكنت ذات يوم عنده حال تأمله - فشخص بصره نحو السماء كأنه يستفهم شيئا - فلما سرى عنه سألته عن حاله فقال: نعم بينا انا أحدثك إذ رأيت جبرائيل في الهواء فأتاني بهذه الآية: " ان الله يأمر بالعدل والاحسان " فقرأها علي إلى آخرها فقر الاسلام في قلبى.
واتيت عمه ابا طالب فأخبرته فقال: يا آل قريش اتبعوا محمدا ترشدوا فإنه لا