لقيل فلنطيبن حياته.
فالآية نظيرة قوله: " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس " الانعام: 122 وتفيد ما يفيده من تكوين حياة ابتدائية جديدة.
وليس من التسمية المجازية لان الآيات المتعرضة لهذا الشأن ترتب عليه آثار الحياة الحقيقية كقوله تعالى: " أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه " المجادلة:
22 وكقوله في آية الانعام المنقولة آنفا: " وجعلنا له نورا يمشى به في الناس " فان المراد بهذا النور العلم الذي يهتدى به الانسان إلى الحق في الاعتقاد والعمل قطعا.
وكما أن له من العلم والادراك ما ليس لغيره كذلك له من موهبة القدرة على احياء الحق وإماطة الباطل ما ليس لغيره وقد قال سبحانه: " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " الروم: 47 وقال: " من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " المائدة: 69.
وهذا العلم والقدرة الحديثان يمهدان له ان يرى الأشياء على ما هي عليها فيقسمها قسمين حق باق وباطل فان فيعرض بقلبه عن الباطل الفاني الذي هو الحياة الدنيا بزخارفها الغارة الفتانة ويعتز بعزة الله فلا يستذله الشيطان بوساوسه ولا النفس بأهوائها وهوساتها ولا الدنيا بزهرتها لما يشاهد من بطلان أمتعتها وفناء نعمتها.
ويتعلق قلبه بربه الحق الذي هو يحق كل حق بكلماته فلا يريد الا وجهه ولا يحب الا قربه ولا يخاف الا سخطه وبعده يرى لنفسه حياة طاهرة دائمة مخلدة لا يدبر أمرها الا ربه الغفور الودود ولا يواجهها في طول مسيرها الا الحسن الجميل فقد أحسن كل شئ خلقه ولا قبيح الا ما قبحه الله من معصيته.
فهذا الانسان يجد في نفسه من البهاء والكمال والقوة والعزة واللذة والسرور ما لا يقدر بقدر وكيف لا؟ وهو مستغرق في حياة دائمة لا زوال لها ونعمة باقية لا نفاد لها ولا ألم فيها ولا كدورة تكدرها وخير وسعادة لا شقاء معها هذا ما يؤيده الاعتبار وينطق به آيات كثيرة من القرآن لا حاجة إلى ايرادها على كثرتها.
فهذه آثار حيوية لا تترتب الا على حياة حقيقية غير مجازية وقد رتبها الله