اليتامى والمساكين تقضى بالفرق.
على أن الآية لا قرينة واضحة فيها على كون المراد بالايتاء هو الاحسان ثم بالاحسان مطلق الاحسان والله أعلم.
قوله تعالى: " وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون " قال في المفردات الفحش والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال.
انتهى ولعل الأصل في معناه الخروج عن الحد فيما لا ينبغي يقال غبن فاحش أي خارج عن حد التحمل والصبر والسكوت.
والمنكر ما لا يعرفه الناس في مجتمعهم من الأعمال التي تكون متروكة عندهم لقبحها أو اثمها كالمواقعة أو كشف العورة في مشهد من الناس في المجتمعات الاسلامية.
والبغى الأصل في معناه الطلب وكثر استعماله في طلب حق الغير بالتعدي عليه فيفيد معنى الاستعلاء والاستكبار على الغير ظلما وعتوا وربما كان بمعنى الزنا والمراد به في الآية هو التعدي على الغير ظلما.
وهذه الثلاثة أعني الفحشاء والمنكر والبغى وان كانت متحدة المصاديق غالبا فكل فحشاء منكر وغالب البغى فحشاء ومنكر لكن النهى انما تعلق بها بما لها من العناوين لما ان وقوع الأعمال بهذه العناوين في مجتمع من المجتمعات يوجب ظهور الفصل الفاحش بين الأعمال المجتمعة فيه الصادرة من أهله فينقطع بعضها من بعض ويبطل الالتيام بينها ويفسد بذلك النظم وينحل المجتمع في الحقيقة وان كان على ساقه صورة وفي ذلك هلاك سعادة الافراد.
فالنهي عن الفحشاء والمنكر والبغى أمر بحسب المعنى باتحاد مجتمع تتعارف اجزاؤه وتتلاءم أعماله لا يستعلى بعضهم على بعض بغيا ولا يشاهد بعضهم من بعض الا الجميل الذي يعرفونه لا فحشاء ولا منكرا وعند ذلك تستقر عليهم الرحمة والمحبة والألفة وترتكز فيهم القوة والشدة وتهجرهم السخطة والعداوة والنفرة وكل خصلة سيئة تؤدى إلى التفرق والتهلكة.
ثم ختم سبحانه الآية بقوله يعظكم لعلكم تذكرون أي تتذكرون فتعلمون ان الذي يدعوكم إليه فيه حياتكم وسعادتكم.