على اعمال لا تطابق مصلحه الوقت فان من الواضح ان من أمر بسلوك سبيل لمصلحة غاية فاخذ بسلوكه عن ايمان بالآمر الهادي فقطع قطعة منه على حسب ما يأمره به رعاية لمصلحة الغاية بسرعة أو بطء أو في ليل أو نهار ثم تغير نحو المصلحة فلو لم يغير الآمر الهادي نحو السلوك واستمر على امره السابق لضعف ايمان السالك وانسلب أركانه لكن لو أمر بنحو جديد من السلوك يوافق المصلحة ويضمن السعادة زاد ايمانه ثباتا على ثبات.
ففي تنزيل القرآن بالنسخ وتجديد الحكم حسب تجدد المصلحة تثبيت للذين آمنوا واعطاء لهم ثباتا على ثبات.
وقوله وهدى وبشرى للمسلمين وهم الذين يسلمون الحكم لله من غير اعتراض فالآية الناسخة بالنسبة إليهم اراءة طريق وبشارة بالسعادة والجنة.
وتفريق الآثار بتخصيص التثبيت بالمؤمنين والهدى والبشرى بالمسلمين انما هو لما بين الايمان والاسلام من الفرق فالايمان للقلب ونصيبه التثبت في العلم والاذعان والاسلام في ظاهر العمل ومرحلة الجوارح ونصيبها الاهتداء إلى واجب العمل والبشرى بأن الغاية هي الجنة والسعادة.
وقد مر بعض الكلام في النسخ في تفسير قوله تعالى: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " البقرة: 106 في الجزء الأول من الكتاب.
قوله تعالى: " ولقد نعلم أنهم يقولون انما يعلمه بشر " افتراء آخر منهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو قولهم انما يعلمه بشر وهو كما يلوح إليه سياق اعتراضهم وما ورد في الجواب عنه انه كان هناك رجل أعجمي غير فصيح في منطقه عنده شئ من معارف الأديان وأحاديث النبوة ربما لاقاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاتهموه بأنه يأخذ ما يدعيه وحيا منه والرجل هو الذي يعلمه وهو الذي حكاه الله تعالى من قولهم انما يعلمه بشر وفي القول ايجاز وتقديره انما يعلمه بشر وينسب من تعلمه منه إلى الله افتراء عليه وهو ظاهر.
ومن المعلوم ان الجواب عنه بمجرد ان لسان الرجل أعجمي والقرآن عربي مبين لا يحسم مادة الشبهة من أصلها لجواز ان يلقى إليه المطالب بلسانه الأعجمي ثم يسبكها