تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٣٧
الدعوة فأجيب بان السؤال باق على حاله لما ان اختياركم لا يبطل بذلك بل الله سبحانه يمد لكم من الضلال والهدى ما أنتم تختارونه بالركون إلى معصيته أو بالاقبال إلى طاعته.
قوله تعالى: " ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها " إلى آخر الآية قال في المفردات الصدود والصد قد يكون انصرافا عن الشئ وامتناعا نحو يصدون عنك صدودا وقد يكون صرفا ومنعا نحو وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل انتهى.
والآية نهى عن اتخاذ الايمان دخلا بعد النهى عن أصل نقص الايمان لان لخصوص اتخاذها دخلا مفسدة مستقلة هي ملاك النهى غير المفسدة التي لأصل نقض الايمان وقد أشار إلى مفسدة أصل النقض بقوله وقد جعلتم الله عليكم كفيلا الخ ويشير في هذه الآية إلى مفسدة اتخاذها دخلا بقوله: " فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم ".
والملاكان كما هو ظاهر متغايران نعم أحدهما كالمقدمة للاخر كما أن نقض الايمان كالمقدمة لاتخاذها دخلا فان الانسان إذا نقض اليمين لسبب من الأسباب لأول مرة هان عليه أمر النقض ومهد ذلك السبيل إلى النقض ثانيا وثالثا وجعل الحلف ثم النقض وسيلة خدعة وخيانة فلا يلبث دون ان تكون حليف دغل وخدعة وخيانة وغرور ومكر وكيد وكذب وزور لا يبالي ما قال وما فعل ويعود جرثومة فساد يفسد المجتمع الانساني أينما توجه ويقع في سبيل غير سبيل الله الذي خطته الفطرة السليمة.
وكيف كان فظاهر قوله ولا تتخذوا ايمانكم دخلا بينكم نهى استقلالي عن الخدعة باليمين بعد النهى الضمني عنه في الآية السابقة وقوله: " فتزل قدم بعد ثبوتها " تفريع على المنهى عنه دون النهى أي يتفرع على اتخاذها دخلا ان تزل قدم بعد ثبوتها الخ وزلة القدم بعد ثبوتها مثل لنقض اليمين بعد العقد والتوكيد والزوال عن الموقف الذي ارتكز فيه فان ثبات الانسان واستقامته على ما عزم عليه واهتم به من كرائم الانسانية وأصول فضائلها وعليه بناء الدين الإلهي وحفظ اليمين على توكيده
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست