تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٣٥
على الله سبحانه وجعله كفيلا عنه في الوفاء بما عقد عليه اليمين فان نكث ولم يف كان لكفيله ان يؤديه إلى الجزاء والعقوبة ففي نكث اليمين إهانة وارزاء بساحة العزة والكرامة مضافا إلى ما في نقض اليمين والعهد معا من الانقطاع والانفصال عنه سبحانه بعد توكيد الاتصال.
فقوله: " وقد جعلتم الله " الخ حال من ضمير الجمع في قوله ولا تنقضوا وقوله ان الله يعلم بما تفعلون في معنى تأكيد النهى بان العمل مبغوض وهو به عليم.
قوله تعالى: " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا " إلى آخر الآية النقض ويقابله الابرام افساد ما احكم من حبل أو غزل بالفتل فنقض الشئ المبرم كحل الشئ المعقود والنكث النقض قال في المجمع وكل شئ نقض بعد الفتل فهو انكاث حبلا كان أو غزلا والدخل بفتحتين في الأصل كل ما دخل الشئ وليس منه ويكنى به عن الدغل والخدعة والخيانة كما قيل وأربى افعل من الربا وهو الزيادة.
وقوله: " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا " في معنى التفسير لقوله في الآية السابقة: " ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها " وهو تمثيل بمرأة تغزل الغزل بقوة ثم تعود فتنقض ما أتعبت نفسها فيه وغزلته من بعد قوة وتجعله انكاثا لا فتل فيه ولا ابرام.
ونقل عن الكلبي انها امرأة حمقاء من قريش كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ثم تأمرهن ان ينقضن ما غزلن ولا يزال ذلك دأبها واسمها ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مره وكانت تسمى خرقاء مكة.
وقوله: " تتخذون ايمانكم دخلا بينكم ان تكون أمة هي اربى من أمة " أي تتخذون ايمانكم وسيلة للغدر والخدعة والخيانة تطيبون بها نفوس الناس ثم تخونون وتخدعونهم بنقضها وانما يفعلون ذلك لتكون أمة وهم الحالفون اربى وازيد سهما من زخارف الدنيا من أمة وهم المحلوف لهم.
فالمراد بالدخل وسيلته من تسمية السبب باسم المسبب وأن تكون أمة مفعول له بتقدير اللام والكلام نوع بيان لنقض اليمين أو لكونهم كالتي نقضت غزلها
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست