تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٣٨
قدم من الاقدام التي يتم بها هذا الأصل الوسيع وكأنه لذلك جئ بالقدم نكرة في قوله فتزل قدم الخ.
وقوله: " وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم " معطوف على قوله تزل قدم الخ وبيان نتيجته كما أنه بيان نتيجة وعاقبة لقوله تتخذوا ايمانكم دخلا وبذلك يظهر ان قوله بما صددتم عن سبيل الله بمنزلة التفسير لقوله فتزل قدم بعد ثبوتها.
والمراد بالصدود عن سبيل الله الاعراض والامتناع عن السنة الفطرية التي فطر الله الناس عليها ودعت الدعوة النبوية إليها من التزام الصدق والاستقامة ورعاية العهود والمواثيق والايمان والتجنب عن الدغل والخدعة والخيانة والكذب والزور والغرور.
والمراد بذوق السوء العذاب وقوله ولكم عذاب عظيم حال عن فاعل تذوقوا ويمكن ان يكون المراد بذوق السوء ما ينالهم من آثار الضلال السيئة في الدنيا وقوله ولكم عذاب عظيم اخبارا عما يحل بهم في الآخرة هذا ما يستفاد من ظاهر الآية الكريمة.
فالمعنى ولا تتخذوا ايمانكم وسيلة دخل بينكم حتى يؤديكم ذلك إلى الزوال عما ثبتم عليه ونقض ما أبرمتموه وفيه اعراض عن سبيل الله الذي هو التزام الفطرة والتحرز عن الغدر والخدعة والخيانة والدغل وبالجملة الافساد في الأرض بعد اصلاحها ويؤديكم ذلك إلى أن تذوقوا السوء والشقاء في حياتكم الدنيا ولكم عذاب عظيم في الأخرى.
وذكر بعضهم أن الآية مختصة بالنهي عن نقض بيعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما استقرت عليه السنة في صدر الاسلام وأن الآية نزلت في الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على نصرة الاسلام وأهله فنهاه الله عن نقض تلك البيعة وعلى هذا فالمراد بالصد عن سبيل الله صرف الناس ومنعهم عن اتباع دين الله كما أن المراد بزلة قدم بعد ثبوتها الردة بعد الاسلام والضلال بعد الرشد.
وفيه أن السياق لا يساعد على ذلك وعلى تقدير التسليم خصوص المورد لا ينافي عموم الآية.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست