تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٣٥
عنهم من هذه الطائفة خيارهم الكاملين في الايمان كما كان المسؤول عنهم في الطائفة الأخرى شرارهم الكاملين في الكفر وهم المستكبرون.
فقول بعضهم ان المراد بالذين اتقوا مطلق المؤمنين الذين اتقوا الشرك أو الشرك والمعاصي في الجملة ليس في محله.
وقوله قالوا خيرا أي انزل خيرا لأنه انزل قرآنا يتضمن معارف وشرائع في اخذها والعمل بها خير الدنيا والآخرة وفي قولهم خيرا اعتراف بكون القرآن نازلا من عنده تعالى مضافا إلى وصفهم له بالخيرية وفي ذلك اظهار منهم المخالفة للمستكبرين حيث أجابوا بقولهم أساطير الأولين أي هو أساطير ولو قال المتقون خير بالرفع لم يكن فيه اعتراف بالنزول كما أنه لو قال المستكبرون أساطير الأولين بالنصب كان فيه اعتراف بالنزول كذا قيل.
وقوله للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ظاهر السياق انه بيان لقولهم خيرا وهل هو تتمة قولهم أو بيان منه تعالى؟ ظاهر قوله ولنعم دار المتقين جنات عدن إلى آخر الآية انه كلام منه تعالى يبين به وجه الخيرية فيما أنزله إليهم فإنه أشبه بكلام الرب تعالى منه بكلام المربوب وخاصة المتقين الذين لا يجترؤن على أمثال هذه الاقتراحات.
والمراد بالحسنة المثوبة الحسنة وذلك لانهم بالاحسان الذي هو العمل بما يتضمنه الكتاب يرزقون مجتمعا صالحا يحكم فيه العدل والاحسان وعيشة طيبة مبنية على الرشد والسعادة ينالون ذلك جزاء دنيويا لاحسانهم لقوله لهم في الدنيا ولدار الحياة الآخرة خير جزاء لان فيها بقاء بلا فناء ونعمة من غير نقمة وسعادة ليس معها شقاء.
ومعنى الآية وقيل للمتقين من المؤمنين ماذا انزل ربكم من الكتاب وما شأنه؟
قالوا انزل خيرا وكونه خيرا هو ان للذين أحسنوا أي عملوا بما فيه فوضع الاحسان موضع الاخذ والعمل بما في الكتاب ايماء إلى أن الذي يأمر به الكتاب اعمال حسنة في هذه الدنيا مثوبة حسنة ولدار الآخرة خير لهم جزاء.
ثم مدح دارهم ليكون تأكيدا للقول فقال ولنعم دار المتقين ثم بين دار المتقين بقوله جنات عدن يدخلونها تجرى من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاؤن
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست