تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٣٢
الطائفة الأولى فهى لهم أنفسهم.
وأوهن منهما ما ذكره بعضهم ان من في قوله ومن أوزار الذين الخ زائدة أو بيانية وهو كما ترى.
وتقييده سبحانه قوله يضلونهم بقوله بغير علم للدلالة على أن الذين أضلهم هؤلاء المشركون الذين قالوا أساطير الأولين انما ضلوا باتباعهم لهم تقليدا وبغير علم فالقائلون أئمة الضلال وهؤلاء الضلال اتباعهم ومقلدوهم ثم ختم سبحانه الآية بذمهم وتقبيح أمرهم جميعا فقال: " ألا ساء ما يزرون " قوله تعالى: " قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد " الخ اتيانه تعالى بنيانهم من القواعد هو حضور امره تعالى عنده بعد ما لم يكن حاضرا وهذا شائع في الكلام وخرور السقف سقوطه على الأرض وانهدامه والظاهر كما يشعر به السياق ان قوله فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم كناية عن ابطال كيدهم وافساد مكرهم من حيث لا يتوقعون كمن يتقى امامه ويراقبه فيأتيه العدو من خلفه فالله سبحانه يأتي بنيان مكرهم من ناحية قواعده وهم مراقبون سقفه مما يأتيه من فوق فينهدم عليهم السقف لا بهادم يهدمه من فوقه بل بانهدام القواعد.
وعلى هذا فقوله وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون عطف تفسيري يفسر قوله فأتى الله بنيانهم الخ والمراد بالعذاب العذاب الدنيوي.
وفي الآية تهديد للمشركين الذين كانوا يمكرون بالله ورسوله بتذكيرهم ما فعل الله بالماكرين من قبلهم من مستكبري الأمم الماضية حيث رد مكرهم إلى أنفسهم فكانوا هم الممكورين.
قوله تعالى: " ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم " الاخزاء من الخزي وهو على ما ذكره الراغب الذل الذي يستحيى منه والمشاقة من الشق وهو قطع بعض الشئ وفصله منه فهى المخاصمة والمعاداة والاختلاف ممن من شأنه ان يأتلف ويتفق فمشاقة المشركين في شركائهم هو اختلافهم مع أهل التوحيد وهم أمة واحدة فطرهم الله جميعا على التوحيد ودين الحق ومخاصمتهم
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست