تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٣٠
سن سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها أي مثل وزر من عمل بها وقوله:
" ولا تزر وازرة وزر أخرى " أي لا تحمل وزره من حيث يتعرى المحمول عنه انتهى.
والذي ذكره من الحديث النبوي مروى من طرق الخاصة والعامة جميعا ويصدقه من الكتاب العزيز مثل قوله تعالى: " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرء بما كسب رهين " الطور: 21 وقوله:
" ونكتب ما قدموا وآثارهم " يس: 12 والآيات في هذا المعنى كثيرة.
واما قوله في تفسير قوله صلى الله عليه وآله وسلم: كان له وزرها ووزر من عمل بها أي مثل وزر من عمل بها فكلام ظاهري لا بأس بأن يوجه به الآية والرواية لرفع التناقض بينهما وبين مثل قوله تعالى: " لا تزر وازرة وزر أخرى " الانعام: 164 وقوله:
" ليوفينهم ربك أعمالهم " هود: 111 إذ لو حمل الآمر وزر السيئة وعذب بعذابها دون الفاعل ناقض ذلك الآية الأولى ولو قسم بينهما وحمل كل منهما بعض الوزر وعذب ببعض العذاب ناقض الآية الثانية واما لو حمل السان والآمر مثل ما للعامل الفاعل لم يناقض شيئا.
واما بحسب الحقيقة فكما ان العمل عمل واحد حسنة أو سيئة كذلك وزره وعذابه مثلا واحدا لا تعدد فيه غير أن نفس العمل لما كان قائما بأكثر من واحد قيامه بالآمر والفاعل قياما طوليا لا عرضيا يوجب المحذور كانت تبعته من الوزر والعذاب قائمة بأكثر من واحد فهناك وزر واحد يزرها اثنان وعذاب واحد يعذب به الآمر والفاعل جميعا.
ويسهل تصور ذلك بالتأمل في مضمون الآيات المبنية على تجسم الأعمال فان العمل كالسيئة مثلا على تقدير التجسم واحد شخصي يتمثل لاثنين ويعذب بتمثله انسانين الآمر والفاعل أو السان والمستن فهو بوجه بعيد كالشخص الواحد يتصوره اثنان فيلتذان أو يتألمان معا به وليس الا واحدا.
وقد تقدم بعض الكلام في هذا المعنى في ذيل قوله تعالى: " ليميز الله الخبيث من الطيب " الآية في الجزء التاسع من الكتاب وسيأتي إن شاء الله تفصيل القول فيه فيما يناسبه من المورد.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست