لهم وانفصالهم عنهم.
والمعنى ان الله سبحانه سيخزيهم يوم القيامة ويضرب عليهم الذلة والهوان بقوله أين شركائي الذين كنتم تشاقون أهل الحق فيهم وتخاصمونهم وتوجدون الاختلاف في دين الله.
قوله تعالى: " قال الذين أوتوا العلم ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين " الخزي ذلة الموقف والسوء العذاب على ما يفيده السياق.
وهؤلاء الذين وصفهم الله بأنهم أوتوا العلم وأخبر أنهم يتكلمون بكذا هم الذين رزقوا العلم بالله وانكشفت لهم حقيقة التوحيد فان ذلك هو الذي يعطيه السياق من جهة المقابلة بينهم مع وصفهم بالعلم وبين المشركين الذين ينكشف لهم يومئذ انهم ما كانوا يعبدون الا أسماء سموها وسرابا توهموه.
على أن الله سبحانه يخبر عنهم انهم يتكلمون يومئذ ويقولون كذا وقد قال في وصف اليوم: " لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا " النبأ: 38 والقول لا يكون صوابا بحق المعنى الا مع كون قائله مصونا من خطأه ولغوه وباطله ولا يكون مصونا في قوله الا إذا كان مصونا في فعله وفي علمه فهؤلاء قوم لا يرون الا الحق ولا يفعلون الا الحق ولا ينطقون الا بالحق.
فان قلت فالذين أوتوا العلم بناء على ما فسرهم أهل العصمة لكن تدفعه كثرة ورود هذه اللفظة في كلامه تعالى وإرادة غيرهم كقوله: " وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير " القصص: 80 وقوله: " وليعلم الذين أوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به " الحج: 54 إلى غير ذلك من الموارد الظاهر فيها عدم إرادة العصمة من إيتاء العلم.
قلت ما ذكرناه انما هو استفادة بمؤنة المقام لا انه مدلول اللفظ كلما اطلق في كلامه تعالى.
واما قولهم ان المراد بالذين أوتوا العلم هم الأنبياء فقط أو الأنبياء والمؤمنون الذين علموا في الدنيا بدلائل التوحيد أو المؤمنون فحسب أو الملائكة فلا دليل في كلامه تعالى على واحد منها بخصوصه.