لكان الأهم ان يقع في الجزاء توحيدهم له في العبادة أو عبادتهم له وحده لا نفى عبادتهم لغيره أو كان نفى عبادة الغير كناية عن توحيد عبادته أو عبادته وحده فافهم ذلك.
وان كان ولا بد من تقدير متعلق المشية أمرا وجوديا فليكن التقدير لو شاء الله ان نكف عن عبادة غيره ما عبدنا الخ حتى يتحد الشرط والجزاء بحسب الحقيقة في عين انهما يختلفان في النفي والاثبات.
وقوله ما عبدنا من دونه من شئ لفظة من الأولى بيانية والثانية زائدة لتأكيد الاستغراق في النفي والمعنى ما عبدنا شيئا دونه ونظير ذلك قوله ولا حرمنا من دونه من شئ.
وقوله نحن ولا آباؤنا بيان لضمير التكلم في عبدنا للدلالة على أنهم يتكلمون عنهم وعن آبائهم جميعا لانهم كانوا يقتدون في عبادة الأصنام بآبائهم وقد تكرر في القرآن حكاية مثل قولهم انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون " الزخرف: 23.
وقوله ولا حرمنا من دونه من شئ " عطف على قوله عبدنا الخ أي ولو شاء الله ان لا نحرم من دونه من شئ أو نحل ما حرمناه ما حرمنا الخ والمراد البحيرة والسائبة وغيرهما مما حرموه.
ثم إن قولهم لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ الخ ظاهر من جهة تعليق نفى العبادة على نفس مشيته تعالى في أنهم أرادوا بالمشية ارادته التكوينية التي لا تتخلف عن المراد البتة ولو أرادوا غيرها لقالوا لو شاء الله كذا لأطعناه واستجبنا دعوته أو ما يفيد هذا المعنى.
فكأنهم يقولون لو كانت الرسالة حقة وكان ما جاء به الرسل من النهى عن عبادة الأصنام والأوثان والنهى عن تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة وغيرها نواهى لله سبحانه كان الله سبحانه شاء ان لا نعبد شيئا غيره وان لا نحرم من دونه شيئا ولو شاء الله سبحانه ان لا نعبد غيره ولا نحرم شيئا لم نعبد ولم نحرم لاستحالة تخلف مراده عن ارادته لكنا نعبد غيره ونحرم أشياء فليس يشاء شيئا من ذلك فلا نهى ولا أمر منه تعالى ولا شريعة ولا رسالة من قبله.