قوله تعالى: " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم " إلى آخر الآية الظاهر أنه تفسير للكافرين الواقع في آخر الآية السابقة كما أن قوله الآتي الذين تتوفاهم الملائكة طيبين الخ تفسير للمتقين الواقع في آخر الآية التي قبله ولا يستلزم كونه بيانا للكافرين كونه من تمام قول الذين أوتوا العلم حتى يختل نظم الكلام بقولهم ان الخزي اليوم الخ ثم بيانهم بقولهم الذين تتوفاهم الملائكة الخ دون ان يقولوا الذين توفاهم الملائكة كما لا يخفى.
وقوله فألقوا السلم أي الاستسلام وهو الخضوع والانقياد وضمير الجمع للكافرين والمعنى الكافرون هم الذين تتوفاهم الملائكة ويقبضون أرواحهم والحال انهم ظالمون لأنفسهم بكفرهم بالله فالقوا السلم وقدموا الخضوع والانقياد مظهرين بذلك انهم ما كانوا يعملون من سوء فيرد عليهم قولهم ويكذبون ويقال لهم بلى قد فعلتم وعملتم ان الله عليم بما كنتم تعملون قبل ورودكم هذا المورد وهو الموت.
قوله تعالى: " فأدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين " الخطاب للمجموع كما كان قوله ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين وكذا قوله الذين تتوفاهم الملائكة الخ ناظرا إلى جماعة الكافرين دون كل واحد واحد منهم.
وعلى هذا يعود معناه إلى مثل قولنا ليدخل كل واحد منكم بابا من جهنم يناسب عمله وموقفه من الكفر لا ان يدخل كل واحد منهم جميع الأبواب أو أكثر من واحد منها وقد تقدم الكلام في معنى أبواب جهنم في تفسير قوله تعالى: " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " الحجر 44.
والمتكبرون هم المستكبرون بحسب المصداق وان كانت العناية اللفظية مختلفة فيهما كالمسلم والمستسلم فالمستكبر هو الذي يطلب الكبر لنفسه باخراجه من القوة إلى الفعل واظهاره لغيره والمتكبر هو الذي يقبله لنفسه ويأخذه صفة.
قوله تعالى: " وقيل للذين اتقوا ما ذا انزل ربكم قالوا خيرا " إلى آخر الآية.
اخذ المسؤول عنهم هم الذين اتقوا أي الذين شأنهم في الدنيا انهم تلبسوا بالتقوى وهم المتصفون به المستمرون بدليل إعادة ذكرهم بعد بلفظ المتقين مرتين فيكون المسؤول