هو الطلب ويكثر استعماله في مورد الظلم لكونه طلبا لحق الغير بالتعدي عليه ويقيد حينئذ بغير الحق، ولو كان بمعنى الظلم محضا لكان القيد زائدا.
والجملة من تتمة الآية السابقة، والمجموع أعني قوله: (هو الذي يسيركم في البر والبحر - إلى قوله - بغير الحق) بمنزلة الشاهد والمثال بالنسبة إلى عموم قوله قبله:
(وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم) إلى آخر الآية، أو لخصوص قوله:
(قل الله أسرع مكرا) وعلى أي حال فقوله: (يا أيها الناس انما بغيكم على أنفسكم) الخ، مما يتوقف عليه تمام الغرض من الكلام في الآية السابقة وان لم يكن من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فافهم ذلك.
قوله تعالى: (يا أيها الناس انما بغيكم على أنفسكم متاع الحياد الدنيا ثم إلينا مرجعكم) إلى آخر الآية، في الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب فقوله: (يا أيها الناس) الخ، خطاب منه تعالى للناس بلا واسطة، وليس من كلام النبي عليه السلام مما امره الله سبحانه ان يخاطب به الناس.
والدليل على ذلك قوله تعالى (ثم إلينا مرجعكم) إلى آخر الآية، فإنه لا يصلح ان يكون من خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والنكتة في هذا الالتفات هي نظير النكتة التي قدمنا ذكرها في قوله تعالى في أول الكلام: (ان رسلنا يكتبون ما تمكرون) فكأنه سبحانه يفاجئهم بالاطلاع عليهم أثناء ما يخاطبهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم يحسبون ان ربهم غائب عنهم غافل عن نياتهم ومقاصدهم في أعمالهم فيشرف عليهم ويمثل بذلك كونه معهم في جميع أحوالهم واحاطته بهم ويقول لهم: انا أقرب إليكم وإلى أعمالكم منكم فما تعملونه من عمل تريدون به ان تبتغوا علينا وتمكروا بنا انما توجد بتقديرنا وتجرى بأيدينا فكيف يمكنكم ان تبغوا بها علينا؟ بل هي بغى منكم على أنفسكم فإنها تبعدكم منا وتكتب آثامها في صحائف أعمالكم فبغيكم على أنفسكم وهو متاع الحياة الدنيا تتمتعون به اياما قلائل ثم إلينا مرجعكم فنخبركم ونوضح لكم هناك حقائق أعمالكم.
وقوله: (متاع الحياة الدنيا) بالنصب في قراءة حفص عن عاصم والتقدير: