والاسجال بمعنى الارسال مأخوذ من ذلك.
والنضد هو النظم والترتيب، والتسويم جعل الشئ ذا علامة من السيماء بمعنى العلامة.
والمعنى: ولما جاء أمرنا بالعذاب وهو أمره تعالى الملائكة بعذابهم وهو كلمة (كن) التي أشار إليها في قوله: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له - كن) يس: 83، جعلنا عالي أرضهم وبلادهم سافلها بتقليبها عليهم وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود معلمة عند ربك وفي علمه ليس لها أن تخطئ هدفها الذي رميت لأجل إصابته.
وذكر بعضهم أن القلب وقع على بلادهم والأمطار بالسجيل عذب به الغائبون منهم. وقيل: إن القرية هي التي أمطرت حين رفعها جبرئيل ليخسفها. وقيل:
إنما أمطرت عليهم الحجارة بعد ما قلبت قريتهم تغليظا في العقوبة. والأقوال جميعا من التحكم من غير دليل من اللفظ.
وفي قوله تعالى في غير هذا الموضع: (فأخذتهم الصيحة مشرقين) الحجر:
73، فقد كان هناك قلب وصيحة وإمطار بالحجارة ومن الممكن أن يكون ذلك بحدوث بركان من البراكين بالقرب من بلادهم وتحدث به زلزلة في أرضهم وانفجار أرضى بصيحة توجب قلب مدنهم، ويمطر البركان عليهم من قطعات الحجارة التي يثيرها ويرميها، والله أعلم.
قوله تعالى: (وما هي من الظالمين ببعيد) قيل المراد بالظالمين ظالموا أهل مكة أو المشركون من قوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكلام مسوق للتهديد، والمعنى وليست هذه الحجارة من ظالمي مكة ببعيد أو المعنى: ليست هذه القرى المخسوفة من ظالمي قومك ببعيد فإنه في طريقهم بين مكة والشام، كما قال تعالى في موضع آخر:
(وإنها لسبيل مقيم) الحجر: 76، وقال: (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون) الصافات: 138.
ويؤيده العدول من سياق التكلم إلى الغيبة في قوله: (مسومة عند ربك) فكأنه تعالى عدل عن مثل قولنا: مسومة عندنا، إلى هذا التعبير ليتعرض لقومه صلى الله عليه وآله وسلم بالتهديد أو بإنهاء الحديث إلى حسهم ليكون أقوى تأثيرا في الحجاج عليهم.