تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٠
كالخلق والرزق والاحياء والإماتة المتوقفة على وجود مخلوق ومرزوق وحى وميت.
والأشياء لما كانت بأنفسها وأعيانها مملوكة محاطة له تعالى فهى إن كانت أصواتا سمع ومسموعة له تعالى، وإن كانت أنوار ألوانا بصر ومبصرة له تعالى، والجميع كائنة ما كانت علم ومعلومة له تعالى، وهذا النوع من العلم من صفاته الفعلية التي تتحقق عند تحقق الفعل منه تعالى لا قبل ذلك، ولا يلزم من ثبوتها بعد ما لم تكن تغير في ذاته تعالى وتقدس لأنها لا تعدو مقام الفعل، ولا يدخل في عالم الذات فالآية في استنتاجها العلم من الملك تريد إثبات العلم الفعلي، فافهم ذلك.
والآية أعني قوله: (وله ما سكن في الليل والنهار) الخ، كإحدى مقدمات الحجة المبينة بالآية السابقة فإن الحجة على المعاد وإن تمت بقوله: (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة) لكن النظر الابتدائي الساذج ربما غفل عن كون ملكه تعالى للأشياء مستلزما لعلمه بها وسمعه بما يسمع منها كالأصوات والأقوال.
ولذلك نبه عليه بتكرار ملك السماوات والأرض، وتفريع السمع والعلم عليه فقال: (وله ما سكن في الليل والنهار - وهو في معنى قوله: (له ما في السماوات والأرض - وهو السميع العليم) فكانت هذه الآية لذلك بمنزلة مقدمة متممة للحجة المسرودة في الآية السابقة.
والآية - على أنا لم نستوف حقها ولن يستوفى - من أرق الآيات القرآنية معنى وأدقها إشارة وحجة، وأبلغها منطقا.
قوله تعالى: (قل أ غير الله أخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم) ولا يطعم شروع في الاحتجاج على وحدانيته تعالى وأن لا شريك له.
والذي يتحصل من تاريخ الوثنية واتخاذ الأصنام والآلهة أنهم كانوا إنما دانوا بذلك وخضعوا للالهة لاحد أمرين: إما أنهم وجدوا أنفسهم في حاجة إلى أسباب كثيرة في إبقاء الحياة كالتغذي بالطعام واللباس والمسكن والأزواج والأولاد والعشيرة ونحو ذلك، وعمدتها الطعام الذي حاجة الانسان إليه أشد من حاجته إلى غيره بحسب النظر الساذج، وقد اعتقدوا أن لكل صنف من أصناف هذه الحوائج تعلقا بسبب هو الذي يجود لهم بالتمتع من وسيلة رفع تلك الحاجة كالسبب الذي يمطر السماء فينبت المرعى والكلاء
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346