تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٧
من صفاته تعالى الفعلية صح أن ينسب إلى كتابته تعالى، والمعنى: أوجب على نفسه الرحمة وإفاضة النعم وانزال الخير لمن يستحقه. ونظيره في نسبة الفعل إلى الكتابة ونحوها قوله تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) (المجادلة: 21) وقوله: (فورب السماء والأرض إنه لحق) (الذاريات: 23) وأما صفات الذات كالحياة والعلم والقدرة فلا تصح نسبتها إلى الكتابة ونحوها البتة لا يقال: كتب على نفسه الحياة والعلم والقدرة.
ولازم كتابة الرحمة على نفسه - كما تقدم - أن يتم نعمته عليهم بجمعهم ليوم القيامة ليجزيهم بأقوالهم وأعمالهم فيفوز به المؤمنون ويخسر غيرهم.
ولذلك ذيل بقوله وهو كالنتيجة في الحجة: ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه فأكد المعنى بأبلغ التأكيد: لام القسم ونون التأكيد وقوله لا ريب فيه.
ثم أشار إلى أن الربح في هذا اليوم للمؤمنين والخسران على غيرهم فقال: (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون).
والحجة التي أقيمت في هذه الآية على المعاد غير ما أقيمت من الحجتين عليه في قوله تعالى: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار، أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) (ص: 28) فإن الآيتين تقيمان الحجة على المعاد من جهة أن فعله تعالى ليس بباطل بل له غاية، ومن جهة أن التسوية بين المؤمن والكافر والمتقي والفاجر ظلم لا يليق به تعالى، وهما في الدنيا لا يتميزان فلا بد من نشأة أخرى يتميزان فيها بالسعادة والشقاوة، وهذا غير ما في هذه الآية من السلوك إلى المطلوب من طريق الرحمة.
قوله تعالى: (وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم) السكون في الليل والنهار هو الوقوع في ظرف هذا العالم الطبيعي الذي يدبر أمره بالليل والنهار، ويجرى نظامه بغشيان النور الساكب من شمس مضيئة، وعمل التحولات النورية فيه بالقرب والبعد والكثرة والقلة والحضور والغيبة والمسامتة وغيرها.
فالليل والنهار هما المهد العام يربى فيه العناصر الكلية ومواليدها تربيه تسوق كل جزء من أجزائها وكل شخص من أشخاصها إلى غايته التي قدرت له، وتكملها روحا وجسما.
(٢٧)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346