تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٦
شاء وأراد، وقد اتصف سبحانه بصفة الرحمة وهى رفع حاجة كل محتاج وإيصال كل شئ إلى ما يستحقه وإفاضته عليه وعدة من عباده ومنهم الانسان صالحون لحياة خالدة مستعدون لان يسعدوا فيها فهو بمقتضى ملكه ورحمته سيتصرف فيهم بحشرهم وإعطائهم ما يستحقونه البتة.
فقوله تعالى: (قل لمن ما في السماوات والأرض) الخ، يتضمن إحدى مقدمات الحجة وقوله: (كتب على نفسه الرحمة) يتضمن مقدمة أخرى، وقوله: (وله ما سكن في الليل والنهار) الخ، مقدمة أخرى ثالثة بمنزلة الجزء من الحجة.) فقوله تعالى: (قل لمن ما في السماوات والأرض) الخ، يأمر النبي صلى الله عليه وآله أن يسألهم عمن يملك السماوات والأرض وله التصرف فيها بما شاء من غير مانع يمنعه، وهو الله سبحانه من غير شك لان غيره حتى الأصنام وأرباب الأصنام التي يدعوها المشركون هي كسائر الخلقة ينتهى خلقها وأمرها إليه تعالى فهو المالك لما في السماوات والأرض جميعا.
ولكون المسئول عنه معلوما بينا عند السائل والمسؤول جميعا والخصم معترف به لم يحتج إلى صدور الجواب عن الخصم واعترافه به بلسانه، وأمر النبي صلى الله عليه وآله أن يذكر هو الجواب ويتكفل ذلك لتتم الحجة من غير انتظار ما لجوابهم.
والسؤال عن الخصم، ومباشرة السائل بنفسه الجواب كلاهما من السلائق البديعة الدائرة في سرد الحجج، يقول المنعم لمن أنعم عليه فكفر بنعمته: من الذي أطعمك وسقاك وكساك؟ أنا الذي فعل ذلك بك ومن بها عليك وأنت تجازيني بالكفر.
وبالجملة ثبت بهذا السؤال والجواب أن الله سبحانه هو المالك على الاطلاق فله التصرف فيها بما شاء من إحياء ورزق وإماتة وبعث بعد الموت من غير أن يمنعه من ذلك مانع كدقة في العمل وموت وغيبة واختلال وغير ذلك. وبهذا تمت إحدى مقدمات الحجة فألحقها المقدمة الأخرى وهى قوله: كتب على نفسه الرحمة. قوله تعالى: (كتب على نفسه الرحمة) الكتابة هو الاثبات والقضاء الحتم، وإذ كانت الرحمة - وهى إفاضة النعمة على مستحقها وإيصال الشئ إلى سعادته التي تليق به -
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346