قال بعض المفسرين في معنى عموم الظلم في الآية: إن الامن في الآية مقصور على الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم فإذا حمل العموم فيها على إطلاقه وعدم مراعاة موضوع الايمان يكون المعنى: الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بظلم ما لأنفسهم لا في إيمانهم ولا في أعمالهم البدنية والنفسية من دينية أو دنيوية ولا لغيرهم من المخلوقات من العقلاء والعجماوات أولئك لهم الامن من عقاب الله تعالى الديني على ارتكاب المعاصي والمنكرات، وعقابه الدنيوي على عدم مراعاة سببه في ربط الأسباب بالمسببات كالفقر والاسقام والأمراض دون غيرهم ممن ظلموا أنفسهم أو غيرهم فإن الظالمين لا أمان لهم بل كل ظالم عرضة للعقاب وإن كان الله تعالى لسعة رحمته لا يعاقب كل ظالم على كل ظلم بل يعفو عن كثير من ذنوب الدنيا، ويعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء في الآخرة ما دون الشرك به.
قال: وهذا المعنى في تفسير الآية صحيح في نفسه، ويترتب عليه أن الامن المطلق من الخوف من عقاب الله الديني والدنيوي أو الشرعي والقدري جميعا لا يصح لاحد من المكلفين دع خوف الهيبة والاجلال الذي يمتاز به أهل الكمال.
قال: وأما معنى الآية على فرض عدم الاطلاق فهو أن الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بظلم عظيم وهو الشرك بالله أولئك لهم الامن دون غيرهم من العقاب الديني المتعلق بأصل الدين وهو الخلود في دار العذاب وهم فيما دون ذلك بين الخوف والرجاء.
قال: وظاهر الآية هو العموم واستدل عليه بفهم الصحابة على ما روى: أن الآية لما نزلت شق ذلك على الناس وقالوا: يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه؟ فأخبرهم صلى الله عليه وآله:
أن المراد به الشرك، وربما أشعر بذلك السياق وكون الموضوع هو الايمان، انتهى ملخصا.
وفيه مواقع للاشكال فأولا: أن ما استدل عليه من العموم بفهم الصحابة هو غير ما قرره من معنى العموم فإن الذي فهموه من الظلم هو ما يساوى المعصية والذي قرره هو أعم من ذلك.
وثانيا: أن ما قرره من عموم الظلم حتى بالنسبة إلى أفراد من الظلم ليست من المعصية في شئ ثم حكم بصحة تفسير الآية به أجنبي عن مدلول الآية فإن الآية في مقام بيان أن الامن والاهتداء من آثار الايمان ولكن بشرط أن لا يقارن ظلما يستره ويفسد أثره، وهذا الظلم إنما هو المعصية بوجه، وأما ما لا يعد معصية كأكل الغذاء المضر بصحة