البدن خطأ فمن المعلوم انه لا يفسد اثر الايمان من الامن والاهتداء، وليس المراد بالآية بيان آثار الظلم أيا ما كانت ولو مع قطع النظر عن الايمان فإنه تعالى قال:
(الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم) فجعل الايمان هو الموضوع وقيده بعدم الظلم وجعل اثره الامن والاهتداء، ولم يجعل الظلم هو الموضوع حتى تكون الآية مسرودة لبيان آثاره.
فالآية سيقت لبيان الآثار التي تترتب على الايمان الصحيح، وأما الظلم بما له من العرض العريض وما له من الأثر المترتب عليه فالآية غير متعرضة لذلك البتة، فقوله:
(وهذا المعنى في تفسير الآية صحيح في نفسه) فاسد البتة.
وثالثا: أن قوله: (ويترتب عليه ان الامن المطلق لا يصح لاحد من المكلفين) صريح في أن الآية لا مصداق لها بالنظر إلى الاطلاق الذي قرره، ولازمه سقوط الكلام عن الفائدة، وأي فائدة في أن يوضع في الحجة قول لا مصداق له أصلا؟. ورابعا أن الذي اختاره في معنى الآية أن المراد به هو الظلم الخاص وهو الشرك ليس بمستقيم فإن الآية من جهة عموم لفظها وإن دلت على وجوب كون الايمان غير مقارن للشرك حتى يؤثر اثره لكن ذلك من باب انطباق اللفظ العام على مورده الخاص، وأما راده المعنى الخاص من اللفظ العام من غير قرينة حالية أو مقالية متصلة أو منفصلة فمما لا ترتضيه صناعة البلاغة وهو ظاهر.
واما ما أشار إليه من قوله صلى الله عليه وآله: (إنما هو الشرك) فليس بصريح في أن الشرك مراد لفظي من الآية وإنما هو الانطباق، وسيجئ البحث عن الحديث في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء) الخ، في الإشارة بلفظ البعيد إلى الحجة تفخيم وتعظيم لأمرها لكونها حجة قاطعة جارية على صراط الفطرة مأخوذة بمقدماتها منها.
وأما قوله: (نرفع درجات من نشاء) فالدرجات - كما قيل - هي مراقي السلم ثم توسع فيها فأطلق على مراتب الكمال من المعنويات كالعلم والايمان والكرامة والجاه