تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١١٨
أما الأول فلان الله سبحانه وإن قص في كلامه كثيرا قصص الأنبياء وأممهم غير أن المقام خال عن ذلك فلا موجب لذكر هذا النعت له وتوصيفه تعالى به.
وأما الثاني فلان محصل معناه ان سنته تعالى أن يتبع الحق ويقتفى اثره في تدبير مملكته وتنظيم أمور خليقته، والله سبحانه وإن كان لا يحكم إلا الحق ولا يقضى إلا الحق إلا ان أدب القرآن الحكيم يأبى عن نسبة الاتباع والاقتفاء إليه تعالى وقد قال تعالى فيما قال: (الحق من ربك) (آل عمران: 60) ولم يقل: الحق مع ربك، لما في التعبير بالمعية من شائبة الاعتضاد والتأيد والايهام إلى الضعف.
(كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى) فعله وحكمه تعالى نفس الحق لا مطابق للحق موافق له، بيان ذلك أن الشئ انما يكون حقا إذا كان ثابتا في الخارج واقعا في الأعيان من غير أن يختلقه وهم أو يصنعه ذهن كالانسان الذي هو أحد الموجودات الخارجية والأرض التي يعيش عليها والنبات والحيوانات التي يغتذى، بها والخبر انما يكون حقا إذا طابق الواقع الثابت في نفسه مستقلا عن ادراكنا والحكم والقضاء انما يكون حقا إذا وافق السنة الجارية في الكون فإذا أمر الامر بشئ أو قضى القاضي بشئ فإنما يكون حكم هذا وقضاء ذاك حقا مطلقا إذا وأفق المصلحة المطلقة المأخوذة من السنة الجارية في الكون، ويكون حقا نسبيا إذا وأفق المصلحة النسبية المأخوذة من سنة الكون بالنسبة إلى بعض أجزائه من غير نظر إلى النظام العام العالمي.
فإذا أمرنا آمر بالتزام العدل أو اجتناب الظلم فإنما يعد ذلك حقا لان نظام الكون يهدى الأشياء إلى سعادتها وخيرها، وقد قضى على الانسان ان يعيش اجتماعيا، وقضى على كل مجتمع مركب من اجزاء ان يتلائم اجزاؤه ولا يزاحم بعضها بعضا، ولا يفسد طرف منه طرفا، حتى ينال ما قسم له من سعادة الوجود، ويتوزع ذلك بين اجزائه المجتمعين، فمصلحة هذا النوع المطلقة هي سعادته في الحياة، ويطابقها الامر بالعدل والنهى عن الظلم فكل منهما حكم حق، ولا يطابقها الامر بالظلم والنهى عن العدل فهما من الباطل، والتوحيد حق لأنه يهدى إلى سعادة الانسان في حياته الحقيقية، والشرك باطل لأنه يجر الانسان إلى شقاء مهلك وعذاب خالد.
وكذلك القضاء بين متخاصمين انما يكون حقا إذا وافق الحكم المشروع المراعى
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346