تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٢٣
تتبع الواقع فأفهم ذلك.
فقد تبين: أن جهات الحسن والمصلحة وما يناظرها في عين أنها موجودة في أفعاله تعالى وأحكامه، وفي أفعالنا وأحكامنا بما نحن عقلاء تختلف في أنها بالنسبة إلى أعمالنا وأحكامنا حاكمة مؤثرة، وإن شئت قلت دواع وعلل غائية، وبالنسبة إلى أفعاله وأحكامه تعالى لازمة غير منفكة وإن شئت قلت: فوائد مطردة، فنحن بما أنا عقلاء نفعل ما نفعل ونحكم ما نحكم لأنا نريد به تحصيل الخير والسعادة وتملك ما لا نملكه بعد، وهو تعالى يفعل ما يفعل ويحكم ما يحكم لأنه الله، ويترتب على فعله ما يترتب على فعلنا من الحسن والمصلحة، وأفعالنا مسؤول عنها معللة بغاياتها ومصالحها، وأفعاله غير مسؤول عنها ولا معللة بغاية لا يملكها بل مكشوفة بلوازمها ونعوتها اللازمة ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون فافهم ذلك.
وهذا هو الذي يهدى إليه كلامه عز اسمه كقوله تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) (الأنبياء: 23) وقوله: (له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم) (القصص:
70) وقوله: (ويفعل الله ما يشاء) إبراهيم: 27) وقوله: (والله يحكم لا معقب لحكمه) (الرعد: 41). ولو كان فعله تعالى كأفعالنا العقلائية لكان لحكمه معقب إلا أن يعتضد بمصلحة محسنة ولم يكن له ليفعل ما يشاء بل ما تشير إليه المصلحة المقارنة، وقوله: (قل إن الله لا يأمر بالفحشاء) (الأعراف: 28) وقوله: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) (الأنفال: 24) وغير ذلك من الآيات التي تعلل الاحكام بوجوه الحسن والمصلحة.
قوله تعالى: (قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضى الامر بيني وبينكم) إلى آخر الآية، أي لو قدرت على ما تقترحونه على من الآية والحال أنها بحيث إذا نزلت على رسول لم تنفك عن الحكم الفصل بينه وبين أمته لقضى الامر بيني وبينكم، ونجى بذلك أحد المتخاصمين المختلفين وعذب الاخر وأهلك، ولم يعذب بذلك ولا يهلك إلا أنتم لأنكم ظالمون والعذاب الإلهي إنما يأخذ الظالمين بظلمهم، وهو سبحانه أنزه ساحة من أن يشتبه عليه الامر ولا يميز الظالمين من غيرهم فيعذبني دونكم.
ففي قوله تعالى: (والله أعلم بالظالمين) نوع تكنية وتعليل أي إنكم أنتم المعذبون
(١٢٣)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الظلم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346