المتعارفة ذلك فما يستطاب عند الافهام العادية فهو طيب، وجميع ما هو طيب حلال.
وإنما نزلنا الحلية والطيب على المتعارف المعهود لمكان أن الاطلاق لا يشمل غيره على ما بين في فن الأصول.
قوله تعالى: (وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه) قيل: إن الكلام معطوف على موضع الطيبات أي وأحل لكم ما علمتم من الجوارح أي صيد ما علمتم من الجوارح، فالكلام بتقدير مضاف محذوف اختصارا لدلالة السياق عليه.
والظاهر أن الجملة معطوفة على موضع الجملة الأولى. و " ما " في قوله: " وما علمتم " شرطية وجزاؤها قوله: " فكلوا مما أمسكن عليكم " من غير حاجة إلى تكلف التقدير.
والجوارح جمع جارحة وهى التي تكسب الصيد من الطير والسباع كالصقر والبازي والكلاب والفهود، وقوله: " مكلبين " حال، وأصل التكليب تعليم الكلاب وتربيتها للصيد أو اتخاذ كلاب الصيد وإرسالها لذلك، وتقييد الجملة بالتكليب لا يخلو من دلالة على كون الحكم مختصا بكلب الصيد لا يعدوه إلى غيره من الجوارح.
وقوله: " مما أمسكن عليكم " التقييد بالظرف للدلالة على أن الحل محدود بصورة صيدها لصاحبها لا لنفسها.
وقوله: " واذكروا اسم الله عليه " تتميم لشرائط الحل وأن يكون الصيد مع كونه مصطادا بالجوارح ومن طريق التكليب والامساك على الصائد مذكورا عليه اسم الله تعالى.
ومحصل المعنى أن الجوارح المعلمة بالتكليب - أي كلاب الصيد - إذا كانت معلمة واصطادت لكم شيئا من الوحش الذي يحل أكله بالتذكية وقد سميتم عليه فكلوا منه إذا قتلته دون أن تصلوا إليه فذلك تذكية له، وأما دون القتل فالتذكية بالذبح والاهلال به لله يغنى عن هذا الحكم.
ثم ذيل الكلام بقوله: " واتقوا الله إن الله سريع الحساب " إشعارا بلزوم اتقاء الله فيه حتى لا يكون الاصطياد إسرافا في القتل، ولا عن تله وتجبر كما في صيد اللهو ونحوه فإن الله سريع الحساب يجازى سيئة الظلم والعدوان في الدنيا قبل الآخرة ولا