الشيطان أو في سبيل الطاغوت ونحو ذلك لان الكلام غير مسوق للمقايسة بين السبيلين بل لبيان أن لا غنى من الله تعالى وأن الغلبة له فالمقابلة بالحقيقة بين الايمان بالله والجهاد في سبيله وبين الكفر به تعالى والظاهر من السياق أن الضميرين في قوله يرونهم مثليهم راجعان إلى قوله فئة تقاتل أي الفئة الكافرة يرون المؤمنين مثلي المؤمنين فهم يرونهم ستمائة وستة وعشرين ولقد كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا وأما احتمال اختلاف الضميرين مرجعا بأن يكون المعنى يرون المؤمنين مثلي عدد الكافرين فبعيد عن اللفظ وهو ظاهر.
وربما احتمل أن يكون الضميران راجعين إلى الفئة الكافرة ويكون المعنى يرى الكافرون أنفسهم مضاعفة مثلي عددهم (يرون الألف ألفين) ولازمه تقليلهم المؤمنين في النسبة فكانوا يرونهم سدس أنفسهم عددا مع كونهم ثلثا لهم في النسبة وذلك ليطابق ما ذكره في هذه الآية قوله تعالى في قصة بدر وإذ يريكموهم إذا التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم: الأنفال - 44 فإن الآية تنافي الآية.
وأجيب بإن ذلك يؤدي إلى اللبس غير اللائق بأبلغ الكلام بل كان من اللازم على هذا أن يقال يرون أنفسهم مثليهم أو ما يؤدي ذلك وأما التنافي بين الآيتين فإنما يتحقق مع اتحاد الموقف والمقام ولا دليل على ذلك لامكان أن يقلل الله سبحانه كلا من الطائفتين في عين صاحبتها في بدء التلاقي لتشد بذلك قلوبهم وتزيد جرأتهم حتى إذا نشبت المقارعة وحمي الوطيس رأي الكافرون المؤمنين مثلي عددهم فانهزموا بذلك وولوا الادبار وهذا نظير قوله تعالى في وصف يوم القيامة " لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان الرحمن - 39 مع قوله وقفوهم إنهم مسؤولون " الصافات - 24 وليس إلا أن الموقف غير الموقف.
وفي شأن الضميرين أعني في قوله يرونهم مثليهم احتمالات أخر ذكروها غير أن الجميع تشترك في كونها خلاف ظاهر اللفظ ولذلك تركنا ذكرها والله العالم.
قوله تعالى والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لاولي الابصار التأييد من الأيد وهو القوة والمراد بالابصار قيل هو العيون الظاهرية لكون الآية مشتملة على التصرف في رؤية العيون وقيل هو البصائر لان العبرة إنما تكون