تصحيح للخبر وإثبات لصدقه بإرجاعه إلى الدراية ونحو من الشهادة.
فالمعنى والله أعلم أن آل فرعون كانوا دائبين على دأب هؤلاء الذين كفروا في الكفر وتكذيب الآيات ولا ريب في هذا الخبر فإنا كنا حاضرين شاهدين وقد كذبوا بآياتنا نحن فأخذناهم.
وأما قوله فأخذهم الله فهو رجوع بعد استيفاء المقصود إلى الأصل في الكلام وهو أسلوب الغيبة وفيه مع ذلك إرجاع الحكم إلى مقام الألوهية القائمة بجميع شؤون العالم والمهيمنة على كل ما دق وجل ولذلك كرر لفظ الجلالة ثانيا في قوله والله شديد العقاب ولم يقل وهو شديد العقاب للدلالة على أن كفرهم وتكذيبهم هذا منازعة ومحاربة مع من له جلال الألوهية ويهون عليه أخذ المذنب بذنبه وهو شديد العقاب لأنه الله جل اسمه.
قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى آخر الآية الحشر هو اخراج الجماعة عن مقرهم بالازعاج ولا يستعمل في الواحد قال تعالى " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " الكهف - 47 والمهاد هو الفراش وظاهر السياق أن المراد بالذين كفروا هم المشركون كما أنه ظاهر الآية السابقة إن الذين كفروا لن تغني عنهم " الخ " دون اليهود وهذا هو الأنسب لاتصال الآيتين حيث تذكر هذه الآية الغلبة عليهم وحشرهم إلى جهنم وقد أشارت الآية السابقة إلى تقويم و تعززهم بالأموال والأولاد.
قوله تعالى قد كان لكم آية في فئتين التقتا ظاهر السياق أن يكون الخطاب للذين كفروا والكلام من تتمة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ستغلبون وتحشرون " الخ " ومن الممكن أن يكون خطابا للمؤمنين بدعوتهم إلى الاعتبار والتفكر بما من الله عليهم يوم بدر حيث أيدهم بنصره تأييدا عجيبا بالتصرف في إبصار العيون وعلي هذا يكون الكلام مشتملا على نوع من الالتفات بتوسعة خطاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله " قل للذين " بتوجيهه إليه وإلى من معه من المؤمنين لكن السياق كما عرفت للأول انسب. والآية بما تشتمل عليه من قصة التقاء الفئتين ونصره تعالى للفئة المقاتلة في سبيل الله وان لم تتعرض بتشخيص القصة وتسمية الوقعة غير أنها قابلة الانطباق على وقعه بدر والسورة نازلة بعدها بل وبعد أحد.