وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تحصى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به.
أقول والرواية كما ترى ناصة على أن كل نظر ديني يجب أن ينتهي إلى القرآن، وقوله فيه تبيان نقل للآية بالمعنى.
وفي الدر المنثور وأخرج ابن سعد وابن الضريس في فضائله وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج على قوم يتراجعون في القرآن وهو مغضب فقال: بهذا ضلت الأمم قبلكم باختلافهم على أنبيائهم وضرب الكتاب بعضه ببعض قال: وإن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا ولكن نزل يصدق بعضه بعضا فما عرفتم فاعملوا به وما تشابه عليكم فآمنوا به.
وفيه أيضا وأخرج أحمد من وجه آخر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوما يتدارئون فقال: إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وانما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا - وما جهلتم فكلوه إلى عالمه.
أقول والروايات كما ترى يعد ضرب القرآن بعضه ببعض مقابلا لتصديق بعض القرآن بعضا وهو الخلط بين الآيات من حيث مقامات معانيها والاخلال بترتيب مقاصدها كأخذ المحكم متشابها والمتشابه محكما ونحو ذلك.
فالتكلم في القرآن بالرأي والقول في القرآن بغير علم كما هو موضوع الروايات المنقولة سابقا وضرب القرآن بعضه ببعضه كما هو مضمون الروايات المنقولة آنفا يحوم الجميع حول معنى واحد وهو الاستمداد في تفسير القرآن بغيره.
فان قلت لا ريب أن القرآن إنما نزل ليعقله الناس ويفهموه كما قال تعالى " إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس " الزمر - 41 وقال تعالى " هذا بيان للناس " آل عمران - 138 إلى غير ذلك من الآيات ولا ريب أن مبينه هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما قال تعالى " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم " النحل - 44 وقد بينه للصحابة ثم أخذ عنهم التابعون فما نقلوه عنه صلى الله عليه وآله وسلم إلينا فهو بيان نبوي لا يجوز