لا ينسب إليه مستقيما كما يجئ بيانه كان الأليق بأدب القرآن أن ينسب إلى غيره تعالى كالشيطان أو النفس.
ومن هنا يظهر صحه ما ذكره بعض المفسرين أن فاعل زين هو الشيطان لان حب الشهوات أمر مذموم وكذا حب كثرة المال مذموم وقد خص تعالى بنفسه ما ذكره في آخر الآية وفي ما يتلوها.
ويظهر به فساد ما ذكره بعضهم أن الكلام في طبيعة البشر والحب الناشي فيها ومثله لا يسند إلى الشيطان بحال وإنما يسند إليه ما هو قبيل الوسوسة التي تزين للانسان عملا قبيحا.
قال: ولذلك لم يسند إليه القرآن إلا تزيين الأعمال قال تعالى " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم " وقال " وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون " وأما الحقائق وطبائع الأشياء فلا تسند إلا إلى الخالق الحكيم الذي لا شريك له قال عز وجل " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا " وقال " كذلك زينا لكل أمة عملهم " فالكلام في الأمم كلام في طبائع الاجتماع انتهى.
وجه الفساد أنه وإن أصاب في قوله إن الحقائق وطبائع الأشياء لا تسند إلا إلى الخالق الحكيم الذي لا شريك له لكنه أخطأ في قوله إن الكلام في طبيعة البشر وما ينشأ منها بحسب الطبع وذلك أن السورة كما علمت في مقام بيان أن الله سبحانه هو القيوم على خلقه في جميع ما هم عليه من الخلق والتدبير والايمان والكفر والاطاعة والعصيان خلق الخلق وهداهم إلى سعادتهم وأن الذين نافقوا في دينه من المنافقين أو كفروا بآياته من الكافرين أو بغوا بالاختلاف في كتابه من أهل الكتاب وبالجملة الذين أطاعوا الشيطان واتبعوا الهوى ليسوا بمعجزين لله غالبين عليه مفسدين لقيمومته بل الجميع راجع إلى قدره وتدبيره أمر خلقه في تحكيم ناموس الأسباب لتقوم بذلك سنه الامتحان فهو الخالق للطبائع وقواها وميولها وأفعالها لتسلك بها إلى جوار ربها جوار القرب والكرامة وهو الذي أذن لإبليس ولم يمنعه من الوسوسة والنزعة ولم يمنع الانسان من اتباعه باتباع الهوى ليتم أمر الامتحان وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منهم شهداء وإنما بين ذلك في هذه السورة ليتسلى بذلك نفوس المؤمنين ويطيب بذلك قلوبهم بما هم عليه عند نزول السورة من العسرة والشدة والابتلاء من الداخل بنفاق المنافقين وجهالة