تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٩٨
لا ينسب إليه مستقيما كما يجئ بيانه كان الأليق بأدب القرآن أن ينسب إلى غيره تعالى كالشيطان أو النفس.
ومن هنا يظهر صحه ما ذكره بعض المفسرين أن فاعل زين هو الشيطان لان حب الشهوات أمر مذموم وكذا حب كثرة المال مذموم وقد خص تعالى بنفسه ما ذكره في آخر الآية وفي ما يتلوها.
ويظهر به فساد ما ذكره بعضهم أن الكلام في طبيعة البشر والحب الناشي فيها ومثله لا يسند إلى الشيطان بحال وإنما يسند إليه ما هو قبيل الوسوسة التي تزين للانسان عملا قبيحا.
قال: ولذلك لم يسند إليه القرآن إلا تزيين الأعمال قال تعالى " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم " وقال " وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون " وأما الحقائق وطبائع الأشياء فلا تسند إلا إلى الخالق الحكيم الذي لا شريك له قال عز وجل " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا " وقال " كذلك زينا لكل أمة عملهم " فالكلام في الأمم كلام في طبائع الاجتماع انتهى.
وجه الفساد أنه وإن أصاب في قوله إن الحقائق وطبائع الأشياء لا تسند إلا إلى الخالق الحكيم الذي لا شريك له لكنه أخطأ في قوله إن الكلام في طبيعة البشر وما ينشأ منها بحسب الطبع وذلك أن السورة كما علمت في مقام بيان أن الله سبحانه هو القيوم على خلقه في جميع ما هم عليه من الخلق والتدبير والايمان والكفر والاطاعة والعصيان خلق الخلق وهداهم إلى سعادتهم وأن الذين نافقوا في دينه من المنافقين أو كفروا بآياته من الكافرين أو بغوا بالاختلاف في كتابه من أهل الكتاب وبالجملة الذين أطاعوا الشيطان واتبعوا الهوى ليسوا بمعجزين لله غالبين عليه مفسدين لقيمومته بل الجميع راجع إلى قدره وتدبيره أمر خلقه في تحكيم ناموس الأسباب لتقوم بذلك سنه الامتحان فهو الخالق للطبائع وقواها وميولها وأفعالها لتسلك بها إلى جوار ربها جوار القرب والكرامة وهو الذي أذن لإبليس ولم يمنعه من الوسوسة والنزعة ولم يمنع الانسان من اتباعه باتباع الهوى ليتم أمر الامتحان وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منهم شهداء وإنما بين ذلك في هذه السورة ليتسلى بذلك نفوس المؤمنين ويطيب بذلك قلوبهم بما هم عليه عند نزول السورة من العسرة والشدة والابتلاء من الداخل بنفاق المنافقين وجهالة
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362