الصحابة والتابعين في معاني الآيات القرآنية يوجب توقف العلم في سيره وبطلان البحث في أثره كما هو مشهود في ما بأيدينا من كلمات الاوايل والكتب المؤلفة في التفسير في القرون الأولى من الاسلام ولم ينقل منهم في التفسير إلا معان ساذجة بسيطة خالية عن تعمق البحث وتدقيق النظر فأين ما يشير إليه قوله تعالى " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ " النحل - 89 من دقائق المعارف في القرآن؟
وأما استبعاد أن يختفي عليهم معاني القرآن مع ما هم عليه من الفهم والجد والاجتهاد فيبطله نفس الخلاف الواقع بينهم في معاني كثير من الآيات والتناقض الواقع في الكلمات المنقولة عنهم إذ لا يتصور اختلاف ولا تناقض إلا مع فرض خفاء الحق واختلاط طريقه بغيره.
فالحق أن الطريق إلى فهم القرآن الكريم غير مسدود وإن البيان الإلهي والذكر الحكيم بنفسه هو الطريق الهادي إلى نفسه أي انه لا يحتاج في تبيين مقاصده إلى طريق فكيف يتصور أن يكون الكتاب الذي عرفه الله تعالى بأنه هدى وأنه نور وأنه تبيان لكل شئ مفتقرا إلى هاد غيره ومستنيرا بنور غيره ومبينا بأمر غيره؟
فإن قلت: قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في آخر خطبة خطبها: إني تارك فيكم الثقلين - الثقل الأكبر والثقل الأصغر - فأما الأكبر فكتاب ربي - وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي - فاحفظوني فيهما فلن تضلوا ما تمسكتم بهما رواه الفريقان بطرق متواترة عن جم غفير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنه أنهى علماء الحديث عدتهم إلى خمس وثلاثين صحابيا وفي بعض الطرق لن يفترقا حتى يردا على الحوض والحديث دال على حجية قول أهل البيت عليهم السلام في القرآن ووجوب اتباع ما ورد عنهم في تفسيره والاقتصار على ذلك وإلا لزم التفرقة بينهم وبينه.
قلت ما ذكرناه في معنى اتباع بيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم آنفا جار هيهنا بعينه والحديث غير مسوق لابطال حجية ظاهر القرآن وقصر الحجية على ظاهر بيان أهل البيت عليهم السلام كيف وهو صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لن يفترقا فيجعل الحجية لهما معا فللقرآن الدلالة على معانيه والكشف عن المعارف الإلهية ولأهل البيت الدلالة على الطريق وهداية الناس إلى أغراضه ومقاصده.