موقعها ووضع الكلمة في غير موضعها ويلزمها تأويل بعض القرآن أو أكثر آياتها بصرفها عن ظاهرها كما يتأول المجبرة آيات الاختيار والمفوضة آيات القدر وغالب المذاهب في الاسلام لا يخلو عن التأول في الآيات القرآنية وهي الآيات التي لا يوافق ظاهرها مذهبهم فيتشبثون في ذلك بذيل التأويل استنادا إلى القرينة العقلية وهو قولهم إن الظاهر الفلاني قد ثبت خلافه عند العقل فيجب صرف الكلام عنه.
وبالجملة يؤدي ذلك إلى اختلاط الآيات بعضها ببعض ببطلان ترتيبها ودفع مقاصد بعضها ببعض ويبطل بذلك المراد ان جميعا إذ لا اختلاف في القرآن فظهور الاختلاف بين الآيات - بعضها مع بعض - ليس إلا لاختلال الامر واختلاط المراد فيهما معا.
وهذا هو الذي ورد التعبير عنه في الروايات بضرب بعض القرآن ببعض كما في الروايات التالية: في الكافي وتفسير العياشي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: ما ضرب رجل من القرآن بعضه ببعض إلا كفر.
وفي المعاني والمحاسن مسندا وفي تفسير العياشي عن الصادق عليه السلام ما ضرب رجل من القرآن بعضه ببعض إلا كفر.
قال الصدوق سألت ابن الوليد عن معنى هذا الحديث فقال: هو أن تجيب الرجل في تفسير آية بتفسير آية أخرى.
أقول ما أجاب به لا يخلو عن إبهام فإن أراد به الخلط المذكور وما هو المعمول عند الباحثين في مناظراتهم من معارضة الآية بالآية وتأويل البعض بالتمسك بالبعض فحق وإن أراد به تفسير الآية بالآية والاستشهاد بالبعض للبعض فخطأ والروايتان التاليتان تدفعانه.
وفي تفسير النعماني بإسناده إلى إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام يقول: أن الله تبارك وتعالى بعث محمدا فختم به الأنبياء فلا نبي بعده وأنزل عليه كتابا فختم به الكتب فلا كتاب بعده أحل فيه حلالا وحرم