وأما قوله عليه السلام نحن الراسخون في العلم وقد تقدم في رواية للعياشي عن الصادق على السلام قوله: والراسخون في العلم هم آل محمد وهذه الجملة مروية في روايات اخر أيضا فجميع ذلك من باب الجرى والانطباق كما يشهد بذلك ما تقدم ويأتي من الروايات.
وفي الكافي أيضا عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر على السلام إلى أن قال يا هشام إن الله حكى عن قوم صالحين - انهم قالوا ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها - إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله - لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة ينظرها - ويجد حقيقتها في قلبه - ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا - وسره لعلانيته موافقا - لان الله عز اسمه لم يدل على الباطن الخفي من العقل - إلا بظاهر منه وناطق عنه أقول قوله عليه السلام لم يخف الله من لم يعقل عن الله في معنى قوله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء وقوله على السلام ومن لم يعقل عن الله " إلخ " أحسن بيان لمعنى الرسوخ في العلم لان الامر ما لم يعقل حق التعقل لم ينسد طرق الاحتمالات فيه ولم يزل القلب مضطربا في الاذعان به وإذا تم التعقل وعقد القلب عليه لم يخالفه باتباع ما يخالفه من الهوى فكان ما في قلبه هو الظاهر في جوارحه وكان ما يقوله هو الذي يفعله وقوله ولا يكون أحد كذلك " الخ " بيان لعلامة الرسوخ في العلم.
وفي الدر المنثور أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أنس وأبي أمامة ووائلة بن أسقف وأبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن الراسخين في العلم فقال - من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه - ومن عف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم.
أقول ويمكن توجيه الرواية بما يرجع إلى معنى الحديث السابق.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام: أن الراسخين في العلم من لا يختلف في علمه.
أقول وهو منطبق على الآية فإن الراسخين في العلم قوبل به فيها قوله الذين في قلوبهم زيغ فيكون رسوخ العلم عدم اختلاف العالم وارتيابه.