وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة: أن رسول الله كان يكثر في دعائه أن يقول اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك - قلت يا رسول الله وإن القلوب لتتقلب؟ قال نعم ما خلق الله من بشر من بني آدم - إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله - فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه الحديث.
أقول وروي هذا المعنى بطرق عديدة عن عدة من الصحابة كجابر ونواس ابن شمعان وعبد الله بن عمر وأبي هريرة والمشهور في هذا الباب ما في حديث نواس قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن وقد روى اللفظة (فيما أظن) الشريف الرضي في المجازات النبوية.
وروي عن علي عليه السلام: أنه قيل له هل عندكم شئ من الوحي؟ قال لا والذي فلق الحبة وبرء النسمة إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه.
أقول وهو من غرر الأحاديث وأقل ما يدل عليه أن ما نقل من أعاجيب المعارف الصادرة عن مقامه العلمي الذي يدهش العقول مأخوذ من القرآن الكريم.
وفي الكافي عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله عليه السلام: يا أيها الناس إنكم في دار هدنة وأنتم على ظهر سفر والسير بكم سريع - وقد رأيتم الليل والنهار - والشمس والقمر يبليان كل جديد - ويقربان كل بعيد ويأتيان بكل موعود - فأعدوا الجهاز لبعد المجاز - قال فقام المقداد بن الأسود فقال - يا رسول الله وما دار الهدنة - فقال دار بلاغ وانقطاع - فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم - فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع - وماحل مصدق ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة - ومن جعله خلفه ساقه إلى النار - وهو الدليل يدل على خير سبيل - وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل - وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن - فظاهره حكم وباطنه علم - ظاهره أنيق وباطنه عميق - له تخوم وعلى تخومه تخوم - لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه - فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة - ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة - فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره - ينج من عطب ويخلص من نشب - فإن التفكر حياة قلب البصير - كما يمشي المستنير في الظلمات - فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص.