أقول وسيجئ كلام في معنى قوله عليه السلام: والراسخون في العلم هم آل محمد.
وفيه أيضا عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الناسخ والمنسوخ - والمحكم والمتشابه قال: الناسخ الثابت المعمول به والمنسوخ ما قد كان يعمل به ثم جاء ما نسخه -، والمتشابه ما اشتبه على جاهله قال: وفي رواية: الناسخ الثابت والمنسوخ ما مضى والمحكم ما يعمل به والمتشابه ما يشبه بعضه بعضا وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث قال: فالمنسوخات من المتشابهات وفي العيون عن الرضا عليه السلام: من رد متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم ثم قال إن في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، فردوا متشابهها إلى محكمها - ولا تتبعوا متشابهها فتضلوا.
أقول: الاخبار كما ترى متقاربة في تفسير المتشابه وهي تؤيد ما ذكرناه في البيان السابق أن التشابه يقبل الارتفاع وأنه إنما يرتفع بتفسير المحكم له وأما كون المنسوخات من المتشابهات فهو كذلك كما تقدم ووجه تشابهها ما يظهر منها من استمرار الحكم وبقائه ويفسره الناسخ ببيان أن استمراره مقطوع. وأما ما ذكره عليه السلام في خبر العيون أن في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فقد وردت في هذا المعنى عنهم عليهم السلام روايات مستفيضة والاعتبار يساعده فإن الاخبار لا تشتمل إلا على ما اشتمل عليه القرآن الشريف ولا تبين إلا ما تعرض له وقد عرفت فيما مر: أن التشابه من أوصاف المعنى الذي يدل عليه اللفظ وهو كونه بحيث يقبل الانطباق على المقصود وعلى غيره لا من أوصاف اللفظ من حيث دلالته على المعنى نظير الغرابة والاجمال ولا من أوصاف الأعم من اللفظ والمعنى.
وبعبارة أخرى إنما عرض التشابه لما عرض عليه من الآيات لكون بياناتها جارية مجرى الأمثال بالنسبة إلى المعارف الحقة الإلهية وهذا المعنى بعينه موجود في الاخبار ففيها متشابه ومحكم كما في القرآن وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إنا معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم وفي تفسير العياشي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام: أن رجلا قال لأمير المؤمنين عليه السلام: هل تصف لنا ربنا نزداد له حبا ومعرفة؟ فغضب وخطب