ومنها ما يتعلق بالنواميس الاجتماعية والاحكام الفرعية واشتمال هذا القسم من المعارف على الناسخ والمنسوخ بالنظر إلى تغير المصالح المقتضية للتشريعات ونحوها من جهة ونزول القرآن نجوما من جهة أخرى يوجب ظهور التشابه في آياتها ويرتفع التشابه بإرجاع المتشابه إلى المحكم والمنسوخ إلى الناسخ.
قوله تعالى فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله الزيغ هو الميل عن الاستقامة ويلزمه اضطراب القلب وقلقه بقرينة ما يقابله في ذيل الآية من قوله: والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا فإن الآية تصف حال الناس بالنسبة إلى تلقي القرآن بمحكمه ومتشابهه وأن منهم من هو زائغ القلب ومائله ومضطربه فهو يتبع المتشابه ابتغاءا للفتنة والتأويل ومنهم من هو راسخ العلم مستقر القلب يأخذ بالمحكم ويؤمن بالمتشابه ولا يتبعه ويسأل الله تعالى أن لا يزيغ قلبه بعد الهداية.
ومن هنا يظهر أن المراد باتباع المتشابه اتباعه عملا لا إيمانا وان هذا الاتباع المذموم اتباع للمتشابه من غير ارجاعه إلى المحكم إذ على هذا التقدير يصير الاتباع اتباعا للمحكم ولا ذم فيه.
والمراد بابتغاء الفتنة طلب إضلال الناس فإن الفتنة تقارب الاضلال في المعنى يقول تعالى يريدون باتباع المتشابه إضلال الناس في آيات الله سبحانه وأمرا آخر هو أعظم من ذلك وهو الحصول والوقوف على تأويل القرآن ومآخذ أحكام الحلال والحرام حتى يستغنوا عن اتباع محكمات الدين فينتسخ بذلك دين الله من أصله.
والتأويل من الأول وهو الرجوع فتأويل المتشابه هو المرجع الذي يرجع إليه وتأويل القرآن هو المأخذ الذي يأخذ منه معارفه.
وقد ذكر الله سبحانه لفظ التأويل في موارد من كلامه فقال سبحانه " ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله ويقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق " الأعراف - 53 أي بالحق فيما أخبروا به وأنبأوا أن الله هو موليهم الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وان النبوة حق وأن الدين حق وأن الله يبعث من في القبور وبالجملة