كل ما يظهر حقيقته يوم القيامة من أنباء النبوة وأخبارها.
ومن هنا ما قيل: إن التأويل في الآية هو الخارج الذي يطابقه الخبر الصادق كالأمور المشهودة يوم القيامة التي هي مطابقات (اسم مفعول) أخبار الأنبياء والرسل والكتب.
ويرده: ان التأويل على هذا يختص بالآيات المخبرة عن الصفات وبعض الافعال وعن ما سيقع يوم القيامة وأما الآيات المتضمنة لتشريع الاحكام فإنها لاشتمالها على الانشاء لا مطابق لها في الخارج عنها وكذا ما دل منها على ما يحكم به صريح العقل كعدة من أحكام الأخلاق فإن تأويلها معها وكذا ما دل على قصص الأنبياء والأمم الماضية فإن تأويلها على هذا المعنى يتقدمها من غير أن يتأخر إلى يوم القيامة مع أن ظاهر الآية يضيف التأويل إلى الكتاب كله لا إلى قسم خاص من آياته.
ومثلها قوله تعالى: " وما كان هذا القرآن أن يفتري إلى أن قال أم يقولون افتراه إلى أن قال: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبه الظالمين " يونس - 39، والآيات كما ترى تضيف التأويل إلى مجموع الكتاب.
ولذلك ذكر بعضهم أن التأويل هو الامر العيني الخارجي الذي يعتمد عليه الكلام وهو في مورد الاخبار المخبر به الواقع في الخارج إما سابقا كقصص الأنبياء والأمم الماضية وإما لاحقا كما في الآيات المخبرة عن صفات الله وأسمائه ومواعيده وكل ما سيظهر يوم القيامة وفي مورد الانشاء كآيات الاحكام المصالح المتحققة في الخارج كما في قوله تعالى: " وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا " أسرى - 35 فإن تأويل إيفاء الكيل وإقامة الوزن هو المصلحة المترتبة عليهما في المجتمع وهو استقامة أمر الاجتماع الانساني.
وفيه اولا: أن ظاهر هذه الآية: أن التأويل أمر خارجي وأثر عيني مترتب على فعلهم الخارجي الذي هو إيفاء الكيل وإقامة الوزن لا الامر التشريعي الذي يتضمنه قوله. وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا الآية، فالتأويل أمر خارجي هو مرجع ومآل لأمر خارجي آخر فتوصيف آيات الكتاب بكونها ذات تأويل من جهة حكايتها