يسمى سعادة الجسم فقط متاعا قليلا لا ينبغي أن يعبأ به قال تعالى لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد " آل عمران - 196، 197.
وكذا ما فيه شقاء الجسم والروح معا يعده القرآن عذابا كما يعدونه عذابا لكن وجه النظر مختلف فإنه عذاب عنده لما فيه من شقاء الروح وعذاب عندهم لما فيه من شقاء الجسم وذلك كأنواع العذاب النازلة على الأمم السالفة قال تعالى: " ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد " الفجر - 6، 14.
والسعادة والشقاوة لذوي الشعور يتقومان بالشعور والادراك فإنا لا نعد الامر اللذيذ الذي نلناه ولم نحس به سعادة لأنفسنا كما لا نعد الامر المؤلم غير المشعور به شقاء ومن هنا يظهر أن هذا التعليم القرآني الذي يسلك في السعادة والشقاوة غير مسلك المادة والانسان المولع بالمادة لا بد من أن يستتبع نوع تربية يرى بها الانسان السعادة الحقيقية التي يشخصها القرآن سعادة والشقاوة الحقيقية شقاوة وهو كذلك فإنه يلقن على أهله: أن لا يتعلق قلوبهم بغير الله ويروا أن ربهم هو المالك الذي يملك كل شئ فلا يستقل شئ إلا به ولا يقصد شئ إلا له.
وهذا الانسان لا يرى لنفسه في الدنيا إلا السعادة: بين ما كان فيه سعادة روحه وجسمه وما كان فيه سعادة روحه محضا وأما ما دون ذلك فإنه يراه عذابا ونكالا وأما الانسان المتعلق بهوى النفس ومادة الدنيا فإنه وإن كان ربما يرى ما اقتناه من زينة الدنيا سعادة لنفسه وخيرا ولذة فإنه سوف يطلع على خبطه في مشيه وانقلبت سعادته المظنونة بعينها شقاوة عليه قال تعالى: " فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون " المعارج - 42 وقال تعالى: " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد " ق - 22، وقال تعالى: " فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم " النجم - 30، على أنهم لا يصفو لهم عيش إلا وهو منغص بما يربو عليه من الغم والهم.
ومن هنا يظهر: أن الادراك والفكر الموجود في أهل الله وخاصه لقرآن