تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ١٧٣
والكلام في قولها وذريتها من حيث أنه قول مطلق من شرط وقيد لا يصح التفوه به في حضرة التخاطب ممن لا علم له به مع أن مستقبل حال الانسان من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه نظير الكلام في قولها رب إني نذرت لك ما في بطني محررا على ما تقدم بيانه فليس إلا أنها كانت تعلم أن سترزق من عمران ولدا ذكرا صالحا ثم لما حملت وتوفى عمران لم تشك أن ما في بطنها هو ذلك الولد الموعود ثم لما وضعتها وبان لها خطأ حدسها أيقنت أنها سترزق ذلك الولد من نسل هذه البنت المولودة فحولت نذرها من الابن إلى البنت وسمتها مريم العابدة الخادمة وأعاذتها وذريتها بالله من الشيطان الرجيم هذا ما يعطيه التدبر في كلامه تعالى.
قوله تعالى فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا القبول إذا قيد بالحسن كان بحسب المعنى هو التقبل الذي معناه القبول عن الرضا فالكلام في معنى قولنا فتقبلها ربها تقبلا فإنما حلل التقبل إلى القبول الحسن ليدل على أن حسن القبول مقصود في الكلام ولما في التصريح بحسن القبول من التشريف البارز.
وحيث قوبل بهاتين الجملتين أعني قوله فتقبلها إلى قوله حسنا الجملتان في قولها وإني سميتها إلى قولها الرجيم كان مقتضى الانطباق أن يكون قوله فتقبلها ربها بقبول حسن قبولا لقولها وإني سميتها مريم وقوله وأنبتها نباتا حسنا قبولا وإجابة لقولها وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فالمراد بتقبلها بقبول حسن ليس هو القبول بمعنى قبول تقرب امرأة عمران بالنذر وإعطاء الثواب الأخروي لعملها فإن القبول إنما نسب إلى مريم لا إلى النذر وهو ظاهر بل قبول البنت بما أنها مسماة بمريم ومحررة فيعود معناه إلى اصطفائها وقد مر أن معنى الاصطفاء هو التسليم التام لله سبحانه فافهم ذلك.
والمراد بإنباتها نباتا حسنا أعطاء الرشد والزكاة لها ولذريتها وإفاضة الحياة لها ولمن ينمو منها من الذرية حياة لا يمسها نفث الشيطان ورجس تسويله ووسوسته وهو الطهارة.
وهذان أعني القبول الحسن الراجع إلى الاصطفاء والنبات الحسن الراجع إلى التطهير هما اللذان يشير إليهما قوله تعالى في ذيل هذه الآيات: وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك الآية وسنوضحه بيانا إنشاء الله العزيز
(١٧٣)
مفاتيح البحث: العزّة (1)، الطهارة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362