تقديم الذكر على الأنثى في الجملة مع أن مقتضى القواعد العربية خلافه وكذا يبقى عليه وجه تسميتها بمريم وقد مر أنه في معنى التحرير إلا أن يفرق بين التحرير وجعلها خادمة فليتأمل.
وفي الرواية الأولى دلالة على كون عمران نبيا يوحي إليه ويدل عليه ما في البحار عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليهما السلام عن عمران أكان نبيا؟ فقال نعم كان نبيا مرسلا إلى قومه الحديث.
وتدل الرواية أيضا على كون اسم امرأة عمران حنة وهو المشهور وفي بعض الروايات مرثار ولا يهمنا البحث عن ذلك.
وفي تفسير القمي في ذيل الرواية السابقة فلما بلغت مريم صارت في المحراب وأرخت على نفسها سترا وكان لا يراها أحد وكان يدخل عليها زكريا المحراب فيجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف فكان يقول أنى لك هذا فتقول هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
وفي تفسير العياشي عن الصادق عليه السلام قال: ان زكريا لما دعا ربه أن يهب له ولدا فنادته الملائكة بما نادته به أحب أن يعلم أن ذلك الصوت من الله فأوحى إليه أن آية ذلك أن يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيام فلما أمسك لسانه ولم يتكلم علم أنه لا يقدر على ذلك إلا الله وذلك قول الله رب اجعل لي آية.
أقول وروى قريبا منه القمي في تفسيره وقد عرفت فيما تقدم أن سياق الآيات لا يأبى عن ذلك.
وبعض المفسرين شدد النكير على ما تضمنته هذه الروايات كالوحي إلى عمران ووجود الفاكهة في محراب مريم في غير وقتها وكون سؤال زكريا للآية للتمييز فقال إن هذه أمور لا طريق إلى إثباتها فلا هو سبحانه ذكرها ولا رسوله قالها ولا هي مما يعرف بالرأي ولم يثبتها تاريخ يعتد به وليس هناك الا روايات إسرائيلية وغير إسرائيلية ولا موجب للتكلف في تحصيل معنى القرآن وحمله على أمثال هذه الوجوه البعيدة عن الافهام.
وهو منه كلام من غير حجة والروايات وإن كانت آحادا غير خالية عن ضعف