يكن وجه لما قالتها تحزنا وتحسرا لما وضعتها رب إني وضعتها أنثى ولا وجه ظاهر لقوله تعالى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى على ما سيجئ بيانه.
وفي حكايته تعالى لما قالتها عن جزم دلالة على أن اعتقادها ذلك لم يكن عن جزاف أو اعتمادا على بعض القرائن الحدسية التي تسبق إلى أذهان النسوان بتجارب ونحوه فكل ذلك ظن والظن لا يغنى من الحق شيئا وكلامه تعالى لا يشتمل على باطل إلا مع إبطاله وقد قال تعالى الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد: الرعد - 8 وقال تعالى عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام: لقمان - 34 فجعل العلم بما في الأرحام من الغيب المختص به تعالى وقال تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى: الجن - 27 فجعل علم غيره بالغيب منتهيا إلى الوحي فحكايته عنها الجزم في القول فيما يختص علمه بالله سبحانه يدل على أن علمها بذكورة ما في بطنها كان ينتهى بوجه إلى الوحي ولذلك لما تبينت أن الولد أنثى لم تيأس عن ولد ذكر فقالت ثانيا عن جزم وقطع وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم الآية فأثبتت لها ذرية ولا سبيل إلى العلم به ظاهرا.
ومفعول قولها فتقبل منى وإن كان محذوفا محتملا لان يكون هو.
نذرها من حيث إنه عمل صالح أو يكون هو ولدها المحرر لكن قوله تعالى فتقبلها ربها بقبول حسن لا يخلو عن إشعار أو دلالة على كون مرادها هو قبول الولد المحرر.
قوله تعالى فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى في وضع الضمير المؤنث موضع ما في بطنها إيجاز لطيف والمعنى فلما وضعت ما في بطنها وتبينت أنه أنثى قالت رب إني وضعتها أنثى وهو خبر أريد به التحسر والتحزن دون الاخبار وهو ظاهر.
قوله تعالى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى جملتان معترضتان وهما جميعا مقولتان له تعالى لا لامرأة عمران ولا أن الثانية مقولة لها والأولى مقولة لله.
أما الأولى فهى ظاهرة لكن لما كانت قولها رب إني وضعتها أنثى مسوقا لاظهار التحسر كان ظاهر قوله والله أعلم بما وضعت أنه مسوق لبيان أنا نعلم أنها