تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ١٧٢
أنثى لكنا أردنا بذلك إنجاز ما كانت تتمناه بأحسن وجه وأرضى طريق ولو كانت تعلم ما أردناه من جعل ما في بطنها أنثى لم تتحسر ولم تحزن ذاك التحسر والتحزن والحال أن الذكر الذي كانت ترجوه لم يكن ممكنا أن يصير مثل هذا الأنثى التي وهبناها لها ويترتب عليه ما يترتب على خلق هذه الأنثى فإن غاية أمره أن يصير مثل عيسى نبيا مبرئا للأكمه والأبرص ومحييا للموتى لكن هذه الأنثى ستتم به كلمة الله وتلد ولدا بغير أب وتجعل هي وابنها آية للعالمين ويكلم الناس في المهد ويكون روحا وكلمة من الله مثله عند الله كمثل آدم إلى غير ذلك من الآيات الباهرات في خلق هذه الأنثى الطاهرة المباركة وخلق ابنها عيسى عليهما السلام.
ومن هنا يظهر أن قوله وليس الذكر كالأنثى مقول له تعالى لا لامرأة عمران ولو كان مقولا لها لكان حق الكلام ان يقال وليس الأنثى كالذكر لا بالعكس وهو ظاهر فإن من كان يرجو شيئا شريفا أو مقاما عاليا ثم رزق ما هو أخس منه واردأ إنما يقول عند التحسر ليس هذا الذي وجدته هو الذي كنت أطلبه وأبتغيه أو ليس ما رزقته كالذي كنت أرجوه ولا يقول ليس ما كنت أرجوه كهذا الذي رزقته البتة وظهر من ذلك أن اللام في الذكر والأنثى معا أو في الأنثى فقط للعهد.
وقد أخذ أكثر المفسرين قوله وليس الذكر كالأنثى تتمة قول امرأة عمران وتكلفوا في توجيه تقديم الذكر على الأنثى بما لا يرجع إلى محصل من أراده فليرجع إلى كتبهم.
قوله تعالى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم معنى مريم في لغتهم العابدة والخادمة على ما قيل ومنه يعلم وجه مبادرتها إلى تسمية المولودة عند الوضع ووجه ذكره تعالى لتسميتها بذلك فإنها لما أيست من كون الولد ذكرا محررا للعبادة وخدمة الكنيسة بادرت إلى هذه التسمية وأعدتها بالتسمية للعبادة والخدمة فقولها وإني سميتها مريم بمنزلة أن تقول إني جعلت ما وضعتها محررة لك والدليل على كون هذا القول منها في معنى النذر قوله تعالى فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا الآية.
ثم أعاذتها وذريتها بالله من الشيطان الرجيم ليستقيم لها العبادة والخدمة ويطابق اسمها المسمى.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362