كعيسى وعده سيدا كما جعل عيسى وجيها عنده وجعله حصورا ونبيا ومن الصالحين مثل عيسى كل ذلك استجابة لمسألة زكريا ودعوته حيث سأل ذرية طيبة ووليا رضيا عند ما امتلا قلبه بما شاهد من أمر مريم وعجيب شأنها وكرامتها على الله كما مر بيانه.
وفي قوله مصدقا بكلمة من الله دلالة على كونه من دعاة عيسى فالكلمة هو عيسى المسيح كما ذكره تعالى في ذيل هذه الآيات في بشارة الروح لمريم.
والسيد هو الذي يتولى أمر سواد الناس وجماعتهم في أمر حياتهم ومعاشهم أو في فضيلة من الفضائل المحمودة عندهم ثم غلب استعماله في شريف القوم لما أن التولي المذكور يستلزم شرفا بالحكم أو المال أو فضيلة أخرى.
والحصور هو الذي لا يأتي النساء والمراد بذلك في الآية بقرينة السياق الممتنع عن ذلك للاعراض عن مشتهيات النفس زهدا.
قوله تعالى قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر استفهام تعجيب واستعلام لحقيقة الحال لا استبعاد واستعظام مع تصريح البشارة بذلك وأن الله سبحانه سيرزقه ما سأله من الولد مع أنه ذكر هذين الوصفين اللذين جعلهما منشأ للتعجب والاستعلام في ضمن مسألته على ما في سورة مريم حيث قال رب إني وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإني خفت الموالى من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا: مريم - 5.
لكن المقام يمثل معنى آخر فكأنه عليه السلام لما انقلب حالا من مشاهدة أمر مريم وتذكر انقطاع عقبه لم يشعر إلا وقد سأل ربه ما سأل وقد ذكر في دعائه ما له سهم وافر في تأثره وتحزنه وهو بلوغ الكبر وكون امرأته عاقرا فلما استجيبت دعوته وبشر بالولد كأنه صحا وأفاق مما كان عليه من الحال وأخذ يتعجب من ذلك وهو بالغ الكبر وامرأته عاقر فصار ما كان يثير على وجهه غبار اليأس وسيماء الحزن يغيره إلى نظرة التعجب المشوب بالسرور.
على أن ذكر نواقص الامر بعد البشارة بقضاء أصل الحاجة واستعلام كيفية رفع واحد واحد منها إنما هو طلب تفهم خصوصيات الإفاضة والانعام التذاذا بالنعمة الفائضة بعد