من يشاء إلى صراط مستقيم.
فالدين الإلهي هو السبب الوحيد لسعادة هذا النوع الانساني، والمصلح لأمر حياته، يصلح الفطرة بالفطرة ويعدل قواها المختلفة عند طغيانها، وينظم للانسان سلك حياته الدنيوية والأخروية، والمادية والمعنوية، فهذا إجمال تاريخ حياة هذا النوع (الحياة الاجتماعية والدينية) على ما تعطيه هذه الآية الشريفة.
وقد اكتفت في تفصيل ذلك بما تفيده متفرقات الآيات القرآنية النازلة في شؤون مختلفة.
(بدء تكوين الانسان) ومحصل ما تبينه تلك الآيات على تفرقها ان النوع الانساني ولاكل نوع إنساني بل هذا النسل الموجود من الانسان ليس نوعا مشتقا من نوع آخر حيواني أو غيره:
حولته إليه الطبيعة المتحولة المتكاملة، بل هو نوع أبدعه الله تعالى من الأرض، فقد كانت الأرض وما عليها والسماء ولا انسان ثم خلق زوجان اثنان من هذا النوع واليهما ينتهي هذا النسل الموجود، قال تعالى: (انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل) الحجرات - 13، وقال تعالى: (خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها) الأعراف - 189، وقال تعالى: (كمثل آدم خلقه من تراب) آل عمران - 59، وأما ما افترضه علماء الطبيعة من تحول الأنواع وان الانسان مشتق من القرد، وعليه مدار البحث الطبيعي اليوم أو متحول من السمك على ما احتمله بعض فإنما هي فرضية، والفرضية غير مستند إلى العلم اليقيني وانما توضع لتصحيح التعليلات والبيانات العلمية، ولا ينافي اعتبارها اعتبار الحقائق اليقينية، بل حتى الامكانات الذهنية، إذ لا اعتبار لها أزيد من تعليل الآثار والاحكام المربوطة بموضوع البحث، وسنستوعب هذا البحث انشاء الله في سورة آل عمران في قوله تعالى: (ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب) آل عمران - 59.