لقوله: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، قال: هو بياض النهار من سواد الليل.
أقول: وقوله: يعني إلى قوله: وكان رجل، من كلام الراوي، وهذا المعنى مروي بروايات أخرى، رواها الكليني والعياشي وغيرهما، وفي جميعها ان سبب نزول قوله: وكلوا واشربوا (الخ) إنما هو قصة خوات بن جبير الأنصاري وان سبب نزول قوله: أحل لكم (الخ)، ما كان يفعله الشبان من المسلمين.
وفي الدر المنثور عن عدة من أصحاب التفسير والرواية عن البراء بن عازب قال:
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الافطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فكان يومه ذاك يعمل في ارضه فلما حضر الافطار اتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت:
لا ولكن انطلق فأطلب لك فغلبته عينه فنام وجائت امرأته فلما رأته نائما قالت:
خيبة لك، أنمت؟ فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت هذه الآية أحل لكم ليلة الصيام الرفث، إلى قوله: من الفجر ففرحوا بها فرحا شديدا.
أقول: وروي بطرق أخر القصة وفي بعضها أبو قبيس بن صرمة وفي بعضها صرمه بن مالك الأنصاري على اختلاف ما في القصة.
وفي الدر المنثور أيضا: واخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس: ان المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء - حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء، منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك إلى رسول الله فأنزل الله أحل لكم ليلة الصيام، إلى قوله: فالآن باشروهن يعني انكحوهن.
أقول: والروايات من طرقهم في هذا المعنى كثيرة وفي أكثرها اسم من عمر، وهي متحدة في أن حكم النكاح بالليل كحكم الأكل والشرب وأنها جميعا كانت محللة قبل النوم محرمة بعده، وظاهر ما أوردناه من الرواية الأولى ان النكاح كان محرما في شهر رمضان بالليل والنهار جميعا بخلاف الأكل والشرب فقد كانا محللين في أول الليل قبل النوم محرمين بعده، وسياق الآية يساعده فإن النكاح لو كان مثل الأكل والشرب