(أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) يعني: أولم تنظروا في أمثال هذه الصنائع، فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف أو إرسال حاصب، أم هذا الذي تعبدونه من دون الله، لكم جند ينصركم من دون الله، أن يرسل عليكم عذابه؟!، فهو كقوله: (أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا) (1). وفيه إشعار بأنهم اعتقدوا القسم الثاني. (إن الكافرون إلا في غرور): لا معتمد لهم.
(أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه) بإمساك المطر وسائر الأسباب المحصلة والموصلة له إليكم (بل لجوا): تمادوا (في عتو): عناد (ونفور): وشراد عن الحق لتنفر طباعهم عنه.
(أفمن يمشي مكبا على وجهه): يعثر كل ساعة ويخر على وجهه لوعورة (2) طريقه، بحيث لا يستأهل أن يسلك (أهدى أم من يمشي سويا): قائما سالما من العثار (على صراط مستقيم): مستوي الأجزاء والجهة، صالح للسلوك، وهو تمثيل للمشرك والموحد بالسالكين، ولدينيهما بالمسلكين.
وورد: (القلوب أربعة: قلب فيه نفاق وإيمان، وقلب منكوس، وقلب مطبوع، وقلب أزهر أنور. فأما المطبوع فقلب المنافق، وأما الأزهر فقلب المؤمن، إن أعطاه الله عز وجل شكر، وإن ابتلاه صبر. وأما المنكوس فقلب المشرك، ثم قرأ هذه الآية وذكر الرابع) (3).
وقال: (إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره، وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم. والصراط المستقيم:
أمير المؤمنين عليه السلام) (4).