السماوات، ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض، حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى) 1.
وفي أخرى: (فدنا بالعلم، فتدلى، فدلى له من الجنة رفرف أخضر وغشى النور بصره، فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ولم يرها بعينه، فكان قوسين بينها وبينه أو أدنى) 2 وورد: (كان بينهما حجاب يتلألأ بخفق 3 ولا أعلمه إلا وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة. فقال الله تبارك وتعالى: يا محمد. قال: لبيك ربي. قال: من لأمتك من بعدك؟ قال: الله أعلم. قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين) 4.
أقول: لعل الحجاب الذي كان بينهما حجاب البشرية، وإنما يتلألأ لانغماسه في نور الرب تعالى بخفق، أي: باضطراب وتحرك، وذلك لما كاد أن يفنى عن نفسه بالكلية في نور الأنوار بغلبة سطوات الجلال، وبانجذابه بشراشره إلى جناب القدس المتعال، وهذا هو المعني بالتدلي المعنوي. ووصف الحجاب بالزبرجد كناية عن خضرته، وذلك لأن النور الإلهي الذي يشبه بلون البياض في التمثيل، كان قد شابته ظلمة بشرية فصار يتراءى كأنه أخضر على لون الزبرجد. وإنما سأله الله عز وجل عن خليفته، لأنه صلى الله عليه وآله كان قد أهمه أمر الأمة، وكان في قلبه أن يخلف فيهم خليفة إذا ارتحل عنهم، وقد علم الله ذلك منه، ولذلك سأله عنه. ولما كان الخليفة متعينا عند الله وعنده، قال الله ما قال، ووصفه بأوصاف لم يكن لغيره أن ينال.
* (فأوحى إلى عبده ما أوحى) * في إبهام الموحى به تفخيم له. القمي: وحي