وضع واحد ثم جعلنا الشمس عليه دليلا فإنه لا يظهر للحس (1) حتى تطلع، فيقع ضوؤها على بعض الأجرام، فلولاها لما عرف الظل، ولا يتفاوت إلا بسبب حركتها.
ثم قبضناه إلينا أي: أزلناه بإيقاع الشمس موقعه، لما عبر عن إحداثه بالمد، بمعنى التسيير، عبر عن إزالته بالقبض إلى نفسه الذي هو في معنى الكف. قبضا يسيرا: قليلا قليلا حسبما ترتفع الشمس، لتنتظم بذلك مصالح الكون، ويتحصل به ما لا يحصى من منافع الخلق.
وهو الذي جعل لكم الليل لباسا. شبه ظلامه باللباس في ستره. والنوم سباتا: راحة للأبدان بقطع المشاغل وجعل النهار نشورا ينتشر فيه الناس للمعاش، وفيه إشارة إلى أن النوم واليقظة أنموذج للموت والنشور.
قال: (كما تنامون تموتون، وكما تستيقظون تبعثون) (2).
وهو الذي أرسل الرياح بشرا: مبشرات، وبالنون أي: ناشرات للسحاب بين يدي رحمته: قدام المطر وأنزلنا من السماء ماء طهورا: مطهرا أو بليغا في الطهارة.
لنحيي به بلدة: بلدا ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا.
ولقد صرفناه بينهم قيل: صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وسائر الكتب، أو المطر بينهم في البلدان المختلفة، و الأوقات المتغايرة، والصفات المتفاوتة من وابل وطل (3) وغيرهما (4). قال: (ما أتى على أهل الدنيا يوم واحد منذ خلقها الله إلا والسماء فيها