إن كاد: إنه كاد ليضلنا عن آلهتنا: ليصرفنا عن عبادتها لولا أن صبرنا عليها: ثبتنا عليها، واستمسكنا بعبادتها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا.
أرأيت من اتخذ إلهه هواه بأن أطاعه وبنى عليه دينه، لا يسمع حجة ولا يتبصر دليلا أفأنت تكون عليه وكيلا: حفيظا تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا، فالاستفهام الأول للتقرير والتعجيب، والثاني للإنكار.
أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون فتهتم بشأنهم، وتطمع في إيمانهم إن هم إلا كالأنعام في عدم انتفاعهم بقرع الآيات آذانهم، وعدم تدبرهم فيما شاهدوا من الدلائل والمعجزات بل هم أضل سبيلا من الأنعام، لأنها تنقاد من يتعهدها، وتميز من يحسن إليها ممن يسئ، وتطلب ما ينفعها وتتجنب ما يضرها، وهؤلاء لا ينقادون لربهم، ولا يعرفون إحسان الرحمن من إساءة الشيطان، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع، ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار، ولأنها لو لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا ولم تكتسب شرا، بخلاف هؤلاء، ولأن جهالتها لا تضر بأحد، وجهالة هؤلاء تؤدي إلى هيج الفتن وصد الناس عن الحق، ولأنها غير متمكنة من تحصيل الكمال، فلا تقصير منها ولا ذم، وهؤلاء مقصرون مستحقون أعظم العقاب على تقصيرهم.
ألم تر إلى ربك: ألم تنظر إلى صنعه؟! كيف مد الظل: كيف بسطه. قال:
(الظل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) (1). قيل: وهو أطيب الأحوال، فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر، وشعاع الشمس يسخن الهواء ويبهر البصر، ولذلك وصف به الجنة فقال (وظل ممدود) (2) ولو شاء لجعله ساكنا بأن يجعل الشمس مقيمة على