التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٥٠٧
بما ليس * (سبحانه وتعلى عما يشركون) *. القمي: كانت قريش يعبدون الأصنام، ويقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، فإنا لا نقدر على عبادة الله، فرد الله عليهم، فقال: قل لهم: يا محمد " أتنبئون الله بما لا يعلم " أي: ليس. فوضع حرفا مكان حرف، أي ليس له شريك يعبد 1.
* (وما كان الناس إلا أمة وحدة) * يعني: قبل بعث نوح كانوا على الفطرة، لا مهتدين ولا ضلالا، كما سبق بيانه 2. * (فاختلفوا) * ببعثة الرسل، فتبعهم طائفة وأضرب أخرى * (ولولا كلمة سبقت من ربك) * بتأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة * (لقضى بينهم) * عاجلا * (فيما فيه يختلفون) * ولتميز المحق من المبطل، ولكن الحكمة أوجبت أن تكون هذه الدار للتكليف والاختبار، وتلك للثواب والعقاب.
* (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه) * أي: من الآيات التي اقترحوها * (فقل إنما الغيب لله) *: هو المختص بعلمه، ولكل أمر أجل * (فانتظروا) * لنزول ما اقترحتموه * (إني معكم من المنتظرين) * لما يفعل الله بكم.
* (وإذا أذقنا الناس رحمة) *: صحة وسعة * (من بعد ضراء مستهم) * كمرض وقحط * (إذا لهم مكر) * فاجؤا وقوع المكر منهم * (في آياتنا) * بالطعن والاحتيال في دفعها. قيل: قحط أهل مكة سبع سنين حتى كادوا يهلكون، ثم لما رحمهم الله بالمطر، طفقوا يقدحون في آيات الله ويكيدون رسوله 3. * (قل الله أسرع مكرا) * منكم، قد دبر عقابكم قبل أن تدبروا كيدكم. والمكر: إخفاء الكيد، وهو من الله: الاستدراج والجزاء على المكر. * (إن رسلنا يكتبون ما تمكرون) *. إعلام بأن ما يظنونه خافيا، غير خاف على الله، وتحقيق للانتقام.

1 - القمي 1: 310.
2 - في سورة البقرة ذيل الآية: 213.
3 - الكشاف 2: 231، والبيضاوي 3: 89.
(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»
الفهرست