التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٣٢٧
(وما على الذين يتقون): وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم (من حسابهم من شئ): مما يحاسبون عليه من قبايح أعمالهم وأقوالهم (ولكن ذكرى): ولكن عليهم أن يذكروهم ذكرى، ويمنعوهم عن الخوض ويظهروا كراهته (لعلهم يتقون):
يجتنبون ذلك حياء أو كراهة لمساءتهم.
قال: " لما نزل " فلا تقعد بعد الذكرى " قال المسلمون: كيف نضع إن كان كلما استهزأ المشركون قمنا وتركناهم؟ فلا ندخل إذا المسجد الحرام، ولا نطوف بالبيت الحرام. فأنزل الله هذه الآية، أمر بتكذيبهم وتبصيرهم ما استطاعوا " 1.
(وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا): سخروا به، أو بنوا أمره على التشهي، أو جعلوا عيدهم الذي جعل ميقات عبادتهم زمان لعب ولهو، والمعنى: أعرض عنهم ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم. (وغرتهم الحياة الدنيا): فألهتهم عن العقبى (وذكر به): بالقرآن (أن تبسل نفس بما كسبت) مخافة أن تسلم إلى الهلاك وترهن بسوء عملها، وأصل البسل: المنع. (ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع) يدفع عنها العذاب (وإن تعدل كل عدل): وإن تفد كل فداء، والعدل: الفدية، لأنها تعادل المفدي. (لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا) أي: سلموا إلى العذاب بسبب أعمالهم القبيحة وعقايدهم الزائفة (لهم شراب من حميم وعذاب أليم) بين ماء مغلي يتجرجر في بطونهم، ونار تشتعل بأبدانهم (بما كانوا يكفرون).
(قل أندعوا): أنعبد (من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا): لا يقدر على نفعنا وضرنا (ونرد على أعقابنا): ونرجع عن دين الاسلام إلى الشرك (بعد إذ هدنا الله) له (كالذي استهوته الشيطين) كالذي ذهب به مردة الجن في المهامه 2، من

١ - مجمع البيان ٣ - ٤: ٣١٦، عن أبي جعفر عليه السلام.
٢ - المهامه جمع المهمة والمهمهة: المفازة البعيدة والبلد المقفر. القاموس المحيط ٤: ٢٩٤ (مه).
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست